في
شكل مجموعة من الدول الهشة التي تتميز بضعف البنية الاقتصادية وهشاشة
التماسك الاجتماعي وعدم وضوح الرؤية السياسية نتيجة الإرث الاستعماري
الثقيل المتمثل في التخلف الاقتصادي وسيادة الثالوث الأسود والفتن العرقية
والخلافات الحدودية التي أصبح يعبر عنها بحق >>القنابل الاستعمارية
الموقوتة<<.
2. الارادة المشتركة: باندونغ 1955: يعتبر مؤتمر باندونغ المنعقد
باندونيسيا من 18 – 24 أفريل 1955 من أهم المؤتمرات الدولية في القرن
العشرين وقد ضم 29 دولة مستقلة حديثا من أسيا وافريقيا، حيث رافع كل من
نهرو وسوكارنو وشوان لاي وجمال عبد الناصر عن فكرة الطريق الثالث والتي
اصبح يعبر عنها فيما بعد بطريق الحياد الايجابي قصد ابعاد البلدان المستقلة
عن التأثيرات السلبية للصراع القائم بين المعسكرين . وبذلك أصبح العالم
الثالث طرفا مؤثرا في توجيه العلاقات الدولية وبعيدا عن الوصاية الى حد
كبير. كما ترتب عن هذا المؤتمر التطورات التي ستقود الى تأسيس حركة عدم
الانحياز و محاولة العالم الثالث التحرر الاقتصادي عن طريق مجموعة ال77 وعن
طريق مقررات المؤتمر الرابع لحركة عدم الانحياز المنعقد بالجزائر 1973
(باندونغ الاقتصادي)...
3. تحديات جديدة: ان الرغبة في التوحد تحت مظلة عدم الانحياز واجهتها
تحديات كبيرة أغلبها نابع من تأثير القوى الكبرى: فكوبا تحولت بشكل سريع
نحو الشيوعية، وإفريقيا السوداء اصبحت اكثر ارتباطا بالمصالح الغربية وربما
أكثر من الفترة الاستعمارية في بعض الحالات كما أن بلدان أخرى عرفت حروبا
قاسية بسبب تدخل القوى الكبرى كحالة الفيتنام أو الانقسام كحالة الهند.
رابعا: العالم الثالث بين النشأة والثبات والتمزق(ترتيبات ما بعد الاستقلال)
1. مؤتمر باندونغ 1955 شهادة ميلاد العالم الثالث: تتمة لما سبق أعلاه فإن
العالم الثالث أثبت وجوده من خلال الدفاع عن فكرة حق الشعوب في تقرير
مصيرها والعمل على تصفية مختلف أشكال التسلط والهيمنة الاستعمارية والتدخل
الأجنبي في شؤون بلدان العالم الثالث، كما أن فكرة الحياد ودعوة المعسكرين
الى التفاهم وتقريب وجهات النظر ليست فكرة مبتذلة هدفها تملق القوى الكبرى
أو الوقوف موقف المتفرج من القضايا الدولية أو الحياد السلبي الذي يعنى
موقف الوسط بين الحق والباطل والذي يعتبر تصرفا لا أخلاقيا، وإنما الدفاع
بالدرجة الأولى على مصالح شعوب العالم الثالث السياسية والاقتصادية ففي هذا
الصدد صرح نهرو أمام الكونغرس الأمريكي عام 1985: " لسنا حياديين عندما
يتعلق الأمر بمصالح شعوبنا الاقتصادية والاجتماعي خاصة ونحن نشكل غالبية
سكان المعمورة..."
2. أزمة السويس 1956 تؤكد انهيار الامبراطوريات الاستعمارية وصعود العالم
الثالث: ان انتصار مصر و من ورائها العالم الثالث في تأميم قناة السويس
وتصديها للعدوان الثلاثي 1956 وما رافقه من رفض دولي أعطى نفسا جديدا
لبلدان العالم الثالث.
3. مؤتمر بلغراد 1961 و ميلاد حركة عدم الانحياز: تعتبر حركة عدم الانحياز
الأداة القوية التي فرض بها العالم الثالث تصوره للعلاقات الدولية و رفض
فكرة التبعية للدول الكبرى خاصة وأن الحركة أصبحت أكبر تجمع دولي تضم
غالبية بلدان افريقيا وأمريكا اللاتينية و يوغسلافيا عن أوربا.
4. المؤتمر الرابع لحركة عدم الانحياز(الجزائر 1973) و تدعيم الاستقلال
السياسي باستقلال اقتصادي للعالم الثالث: فلقد كان من أهم نتائج هذا
المؤتمر الاقرار بجور العلاقات الاقتصادية الدولية وظهور فكرة الحوار شمال –
جنوب ثم الحوار جنوب – جنوب وتعديل أسعار المواد الأساسية في السوق
الدولية و عقد دورة طارئة للأمم المتحدة بطلب من الجزائر وباسم عدم
الانحياز 1974 لمناقشة طبيعة النظام الاقتصادي الدولي الجديد المزمع
اقامته.
5. صعوبة توحيد العالم الثالث: (عالم ثالث أم عوالم ثالثة؟): ان فكرة عدم
الانحياز مثلما أنها لم تكن تملقا من البلدان المستقلة تجاه القوى الكبرى
فإنها بالمقابل كانت فكرة فضفاضة حيث كان الانتماء الايديولوجي والانحياز
لأحد اطراف الحرب الباردة بل وحتى الحنين الى اقامة علاقات متميزة مع القوى
الاستعمارية واضحا لدى غالبية بلدان الحركة.مفضلة بذلك المصلحة الوطنية
(في الواقع مصالح الطغمة الحاكمة) على المصلحة المشتركة لشعوب العالم
الثالث : انحياز كوبا للاتحاد السوفييتي ـ انقسام أسيا بين موالاة لأمريكا
مثل الفلبين وموالاة الاتحاد السوفييتي مثل كوريا الشمالية ـ اقصاء الصين
كأكبر قوى في العالم الثالث ـ فشل الهند في رسم سياسية مستقلة عن الغرب ـ
فشل منظمة الوحدة الافريقية في ايقاف الحروب العرقية والصراعات الحدودية ـ
...
6. أزمة الحكم: الأداة المدمرة لآمال الشعوب: أغلب الدول المستقلة حديثا
عرفت انظمة حكم ديكتاتورية تقوم على اقصاء وإبعاد الرأي المخالف عن طريق
القوة المفرطة الى جانب استشراء الفساد السياسي (التزوير والانقلابات
العسكرية) والمالي والعمالة للخارج و الجهوية المقيتة...
7. الأزمة الاقتصادية: العبء الثقيل:
ويأتي في مقدمة المشاكل الاقتصادية أزمة المديونية وفشل عملية التنمية في
غالبية بلدان العالم الثالث خاصة بعد عام 1973 و مميزها من فشل لفكرتي
الحوار شمال – جنوب و جنوب – جنوب على حد سواء و هو ما عجل بتمزق العالم
الثالث والاضمحلال التدريجي لحركة عدم الانحياز، قبل أن تأتي نهاية الحرب
الباردة على ما بقي من عمل مشترك بين بلدان العالم التي انتقل فيها التمزق
الى الداخل.
8. اندثار فكرة العالم الثالث :
الأمل الضائع: ان فكرة العالم الثالث اليوم ليس لها أي معنى بالمفهوم
السياسي وان ظلت الكلمة متداولة بشكل محدود فالمقصود بها تلك الاشارة
الخاطئة للبلدان الضعيفة المتأخرة عن ركب التطور الاقتصادي والتقني
العالميين.
9. تمزق بلدان العالم الثالث:خيبة الأمل: الحروب العرقية المدمرة – التشدد السياسي – الحروب الاقليمية -...
10. الآفاق المستقبلية :و رغم كل شيء
يبقى الآمل: ان من بين النتائج المحققة مثل تصفية نظام التفرقة والميز
العنصري في جنوب افريقيا وظهور منظمة الآيباد وتأسيس الاتحاد الافريقي
ونظام الشراكة الجديد (النيباد)و ما حققته بعض بلدان أسيا من قفزة اقتصادية
وتكنولوجية و ما تعرفه حاليا البلدان العربية من تحولات ديمقراطية و عجز
الإمبريالية العالمية التي تقودها الولايات المتحدة في فرض منطقها في
العديد من القضايا كقضايا الشرق الأوسط و ما صاحبها من صحوة شعبية تصب كلها
في خانة التفاؤل الحسن وتعيد التذكر في امكانية انبعاث جديد للعالم الثالث
وهذه المرة بقيادة الشعوب وليس بقيادة انظمة الحكم.

شكراااا لك يا اخي

و جزاك الله كل الخير