الاستقامة  في مائة حديث نبوي 4 Ezlb9t10
الاستقامة  في مائة حديث نبوي 4 Ezlb9t10





 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
اشترك في القائمة البريدية ليصلك جديدنا :
آخر المواضيع
date2014-05-25, 2:29 pm
member
date2014-05-25, 12:55 pm
member
date2014-03-19, 10:44 pm
member
date2014-03-03, 10:03 pm
member
date2013-11-09, 10:39 pm
member
date2013-10-04, 4:33 pm
member
date2013-09-30, 6:49 am
member
date2013-09-21, 9:34 pm
member
date2013-09-21, 9:29 pm
member
date2013-09-21, 9:28 pm
member

الاستقامة في مائة حديث نبوي 4

Admin
مؤسس المنتدى
Admin

السٌّمعَة : 0
ذكر
نقاط : 22423
الاستقامة  في مائة حديث نبوي 4 Empty
http://omaarab.7olm.org
الاستقامة  في مائة حديث نبوي 4 Clock13 2012-02-10, 6:36 pm

ـ 54 ـ إجتناب لعب القمار
عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” مَن لَعِبَ بالنَردِ فقَد عَصى اللّهَ وَرَسولَهُ ”
( رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه)
لعب القمار محرم بالقرآن: ” ياأيُّها الّذينَ آمَنوا إنَّما الخَمرُ والميسِرُ والأنصابُ والأزلامُ رِجس مِن عَمَلِ الشيطانِ فاجتَنِبوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحون . إنَّما يُريدُ الشيطانَ أن يوقِعَ بينَكُم العَداوةَ والبَغضاءَ في الخَمرِ والميسِرِ ويَصُدَّكُم عَن ذكر اللّهِ وعَنِ الصَلاةِ فَهَل أنتُم مُنتَهونَ ” (34). والميسر بأنواعه من دور قمار ورهان سباق الخيل واليانصيب والرهان على أي نوع من الألعاب المسلية سواء ما ذكره الحديث من نرد أو غيره ، كل ذلك مشمول بالتحريم . ولقد بين الله بعض الأغراض الشيطانية من التسويل للناس في لعب القمار من إيقاع البغضاء بين الناس ومن الصد عن الصلاة ، إضافة إلى أكل أموال الناس بالباطل: ” ولا تأكُلوا أموالَكُم بينَكُم بالباطلِ ” (35).ـ
أما اللعب الذي لا يعتمد على الرهان ولا النرد ويمكن أن ينمي القابليات البدنية والذهنية كالمبارزة أو بعض الألعاب التلفزيونية التي شاعت مؤخرا والشطرنج ، فهي مباحة شرط عدم تسببها في تأخير فريضة أو قيام بواجب . بل ويمكن أن يكون بعضها مندوبا إذا كان مفيدا لتنمية القابليات البدنية والذهنية.
وسبق أن أوضحنا في شرح الأحاديث 1 ، 25 و 45 أن الترويح عن النفس ينقلب إلى عبادة عند حضور النية . ونضيف هنا شرطا آخر وهو أن تكون الوسيلة للترويح مباحة كشرط لكي ينقلب الترويح عن النفس إلى عبادة . فالله سبحانه وتعالى لم يأمر باتباع الصراط المستقيم دون أن يوضح السبل المشروعة المؤدية إلى ذلك وحث على الأخذ بها ، وحذر من الوسائل غير المشروعة حتى وإن كان فيها فوائد قليلة أحيانا . فالوسيلة المحرمة هنا هي الربح دون بذل جهد بدني أو فكري أو بإستغلال المصادر الطبيعية التي سخرها الله سبحانه وتعالى لبني آدم ، بل استخدام لظواهر ليس للإنسان فيها فضل كالحظ أو إستغلال سذاجة بعض الناس وغشهم بوسائل ما أنزل الله بها من سلطان.
ـ 55 ـ الورع عند كسب الرزق
عن كعب بن عجرة(36) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” كُلّ لَحم نَبَتَ مِنَ الحَرامِ فالنّار أولى بِهِ ”
(رواه الترمذي وحسّنه)
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: إتق الله بطاعته ، وأطع الله بتقواه ، ولتخفَّ يداك من دماء المسلمين وبطنك من أموالهم ولسانك من أعراضهم . فرض الله إكتساب الرزق من الحلال وحرم إكتسابه من الطرق غير المشروعة من غش وسرقة ورشوة ونقص في المكيال وغصب أموال الناس. فمن اكتسب المال من الحرام فقد البركة ، فلا ترى أثرا صالحا لماله ، وإن أنفق ماله في غذاء نفسه فهي ستلقى عقابها في الآخرة ، وإن غذى به عياله فقد غشهم وما نصح لهم فلا عجب إن عقَّه ولده وفسدت أخلاق من يعيلهم نحوه ونال عقاب ما فعل في حياته ولعذاب الآخرة أشد.
قالت عائشة رضي الله عنها إنكم لتغفلون عن أفضل العبادة ، هو الورع. وكان عبد الله بن المبارك يقول: رد درهم شبهة أحب إلي من أن أتصدق بستمائة ألف درهم.
قال سهل التستري: من أكل الحرام عصت جوارحه شاء أم أبى . فالمعدة موضع يجمع الأطعمة ، فإذا طرحت فيه الحلال صدرت ألأعضاء بالأعمال الصالحة وإذا طرحت فيه الشبهة إشتبه عليك الطريق إلى الله وإذا طرحت فيه التبعات كان بينك وبين الله حجاب.
إن لأكل الحلال علاقة وثيقة بإستجابة الدعاء. فقد روى مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” ألرَجُلُ يطيلُ السَفَرَ أشعَثَ أغبَر يَمُدّ يدهُ إلى السماء يا رَبّ يارَبّ ومطعمهُ حَرام ومَلبَسُهُ حرام فأنّى يُستجابُ لَهُ ”
وليس لمنفق المال الحرام في طرق الخير من ثواب . فإن الله لا يمحو السيئ بالسسيئ ولكنه يمحو السيئ بالحسن ، يقول سفيان الثوري رضي الله عنه: من أنفق من الحرام في طاعة الله تعالى كان كمن طهّر الثوب النجس بالبول والثوب النجس لا يطهره إلا الماء.
ـ 56 ـ إجتناب الكذب والخيانة
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” يُطبَعُ المُؤمِنُ على كُلّ خُلُق ليس الخيانةُ والكذبُ ”
(رواه البيهقي وأحمد)
الكذب إذا جبل عليه المرء قاده لا محالة إلى النار. فالكذب يقود إلى النفاق وهو أساس كل الأعمال الخبيثة . فمرتكب الخطايا الكبيرة إن لم يكن كذابا فإنه يخشى إن صدق القول مع الناس أن يفتضح أمره فيكون كذبه حافزا له على الإستمرار في إرتكاب الذنوب . وإخلاف الوعد ما هو إلاّ كذب فعلي وقولي معا . والغش والخيانة كذب بالأفعال وقول الزور وشهادة الزور ماهي إلاّ كذب في أبشع صوره وهكذا كان الكذب لمن إعتاد عليه أساسا للخبائث بل هو أكبر من أم الخبائث -الخمر-.
أما الأمانة فقد قال الله تعالى فيها: ” إنّ اللّه يأمُرُكُم أن تُؤدوا الأماناتِ إلى أهلِها ” (39) ، فخيانة الأمانة لا يُجبَلُ عليها مؤمن ولن يوفق الله خائنا في مسعاه: ” وأنّ اللّهَ لا يَهدي كيدَ الخائنينَ ” (40). وأكبر الخيانة هي خيانة الله ورسوله التي هي النفاق الخالص. والرياء بالأعمال من الخيانة ، وعدم حفظ ما إؤتُمن عليه المرء من مال أو عمل يتكسب به أو يوثق منه عليه ، كل ذلك من الخيانة . بل إن من أعظم الخيانة أن تحدث جليسك بحديث تكذب عليه فيه وهو مصدِّق لك . والدعاية الكاذبة لسلعة أو رأي هو خيانة . ولا تجوز الخيانة حتى مع من خانك . ” أدّ الأمانةَ إلى مَن إئتَمَنَكَ ولا تَخُن مَن خانَكَ ” (41)ـ. فالمؤمن قد امتزج الصدق وحفظ الأمانة بدمه ولحمه وأخذ عليه لبّه ، فلا يعرف الكذب والخيانة.
ومن أنواع الخيانة القبيحة: التجسس. فالتجسس هو خيانة لمن أمن جانب المرء بينما هو يتلصص على الخفايا سواء كان ذلك لنفسه أو لغيره. قال تعالى: ” ولا تَجَسَسوا ولا يَغتَب بَعضُكُم بَعضا ” (42) ، والتجسس على المسلمين من أقبح الأخلاق وأرذلها ولا يقوم بها إلا من باع دينه إبتغاء متاع قليل من متاع الدنيا.
ـ 57 ـ إجتناب اللعن والفحش
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” ليسَ المؤمِنُ بِطَعّان ولا لعّان ولا فاحِش ولا بَذيء ”
(رواه البخاري في الأدب وأحمد وإبن حبان والحاكم)
إن اللعن والسب والشتم والفحش في الكلام والطعن في الأنساب ، كل ذلك ليس من شيم المتقين . وسباب المسلم فسوق يعني أن السابّ نفسه فاسق لأن سباب المسلم فسوق وقتاله كفر(43). أما لعن من فعل فعلا معينا دون تخصيص لأحد فهو جائز ، فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه ، ولعن المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء ، ولعن من لعن والديه ، ومن عمِل عمَل قوم لوط ، والراشي والمرتشي ، والمحتكر ، والخمر وشاربها وساقيها وآكل ثمنها وبائعها ومستقيها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه ، ولعن المرأة إذا خرجت من دارها بغير إذن زوجها ، ولعن النامصة والمتنمصة ، ولعن المرأة إذا باتت وزوجها عليها ساخط ، ولعن من خبب إمرأة على زوجها ، وقد لعن الله تعالى في القرآن الظالمين والكاذبين: ” ألا لَعنةُ اللّهِ على الظالِمين ” (44) ، ” ثُمّ نَبتَهِل فَنَجعَلْ لَعنةَ اللّهِ على الكاذِبينَ ” (45).ـ
إن من أشنع أنواع السباب رمي المسلم بالكفر. ومثل هذا شائع بين مدّعِي العلم وهم أبعد ما يكون عن العلم حيث يتهمون من يخالفهم في الرأي به. وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من تكفير المسلمين ، لأن من قال لأخيه يا كافر ، باء بها أحدهما(46) ، أي إما أن يكون صادقا أو أن تعود كلمة الكفر عليه هو والعياذ بالله.
والمؤمن بعيد عن السب والشتم ولا يستخدم الألفاظ البذيئة في جد ولا هزل ولا في رضا أو غضب . ومن الضروري تنشئة الأطفال بعيدا عن إستخدام تلك الألفاظ لأن محوها بعد ما يكبر الشخص إن تعوّد عليها وهو طفل صغير صعب ، وحتى إن تركها فربما تفوه بها دون شعور في حالات الغضب.
ـ 58 ـ إجتناب الإحتكار
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” مَن احتَكَرَ حَكرَة يريدُ أن يُغلي بِها على المُسلمينَ فهُو خاطئ وقد بَرِئت مِنهُ ذِمَّةُ اللّهِ ورَسولِهِ ”
(رواه أحمد والحاكم)
الإحتكار بغية رفع الأسعار على المسلمين حرام . ولفظة خاطئ في الحديث لا تعني صغر ذنب المحتكر لأن تتمة الحديث تفسر معنى الخطأ حيث أن براءة ذمة الله ورسوله لا تكون إلاّ على أمر من الكبائر. فالإحتكار خلق ذميم يجعل المحتكر يفرح بشقاء غيره متجردا من الإنسانية . إن المال في يد المؤمن عارية (أمانة) قد إستودعه الله تعالى إياها يستفيد منها ويفيد غيره إلى أجل مسمى . أما المال في يد المحتكر فهو كنياب السباع في الغابة يؤذي به عباد الله واضعا أنانيته فوق كل إعتبار لكي يحصل على المزيد من المال ، ولا يكاد يشبع إلاّ من التراب ويتوب الله على من تاب.
ويزداد ذنب المحتكر كلما كانت الحاجة إلى السلعة التي يحتكرها أشد من قبل الناس. فمحتكر الطعام الضروري أكبر إثما . والغني الذي يجمع المزيد من الأموال بجشع وشراهة في أوقات كروب الناس من غلاء أو حروب أو فقدان للأمن يرتكب إثما كبيرا . والإنفاق في مثل تلك الأوقات من أعظم القربات عند الله. قال تعالى: ” فلا إقتَحَمَ العَقَبَةَ ، وما أدراكَ ما العَقَبَة ، فَكّ رَقَبَة أو إطعام في يوم ذي مَسغَبَة ” (46). فالمؤمن يرضى بالقليل من الربح وهو سهل عند البيع والشراء ، فإذا مانزلت بالمسلمين مصيبة من غلاء أو قحط ، جعل نفسه واحدا ممن يعاني ، فيحزن لمصائبهم دون احتكار أو استغلال لتلك المصائب.
ـ 59 ـ إجتناب الترف
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: نهانا رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم عن أن نَشرَبَ في آنيةِ الذَهَبِ والفِضَّةِ وأن نأكُلَ فيها ، وعَن لِبس الحَرير والديباج وأن نَجلِسَ عَليها. (أخرجه البخاري)
التمايز الذي فرضه الله بين الرجال والنساء لِحِكَم بالغة ، منها تعزيز رجولة الرجل وأنوثة المرأة . وقد مر تحريم تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال . ولإحداث المزيد من التمايز في المظهر ، حرم الله تعالى على الرجال هذه الأصناف من اللباس. أما الطعام والشراب في أنية الفضة والذهب فهو دليل على الترف والبذخ والبطر الذي إن حل في أمة أذهب عنها النعم وأزالها عنها فإن الترف يزيل النعم.
لقد أحل الله الزينة لعباده : ” قُل مَن حَرَّمَ زينَةَ اللّهِ التي أخرَجَ لِعِبادِهِ والطيباتِ مِنَ الرِزق ” (47) ، لكن ذلك مقيد بحدود أن لا يكون في ذلك إسراف وتبذير ولا إزدراء لنعم الله ولا عجب ولا تكبر. ولقد أحل الله للنساء أصنافا من الزينة أمام أزواجهن ومحارمهن من الرجال ، وحرم على الرجال أصنافا من الزينة كالذهب والحرير. وما ذلك إلاّ لما وضع لكل من الصفات وأوكل إليهم صنفا من الواجبات.
ـ 60 ـ حب صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآل بيته
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” لا تَسُبّوا أصحابي ، فلو أن أحدَكُم أنفَقَ مِثلَ أُحُد ذَهَبا ما بَلَغَ مَدّ أحَدِهِم ولا نُصيفَهُ ” (رواه البخاري)ـ
لقد إختار الله تعالى بني آدم من بين سائر المخلوقات ، واختار إسماعيل عليه السلام ليكون جدا لخير خلقه ، واختار أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لكي تكون خير أمة أخرِجَت للناس ، واختار لرسوله صحبا وأتباعا وآل بيت لكي يكونوا أهلا للمساعدة في حمل تلك المهمة الصعبة . ألا يجب بعد ذلك على خَلَف الأمة أن يشكروا لأولئك الأسلاف حفظهم للشريعة وإبلاغهم إياها لمن جاء بعدهم ، والدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفداؤه بأرواحهم وأموالهم . إن سب أولئك النفر الأبرار ألذين أحاطوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ما هو إلاّ إنتقاص من الدين نفسه. وبتحريض من أعداء الله يشوهون صورة أولئك الأصحاب الأبرار بهدف هدم الدين محاولين إيهام السذج من الناس أنه إذا كان دين الله لم يؤثر في صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم أقرب الناس إليه فتأثيره فيما سواهم أقل وصلاحه للناس يعود مشكوكا فيه. وإحترام سلف هذه الأمة من صحابة كرام وآل بيت النبوة الأطهار والتابعين وتابعيهم والأئمة المجتهدين وأئمة الحديث والعلماء الذين نذروا حياتهم لخدمة هذا الدين على مر العصور ، هذا الإحترام دليل على صلاح المرء نفسه. إن هذا الإحترام لأولئك النفر الأبرار لا يرفع أيّا منهم إلى درجة النبوة أو العصمة ، فكلهم كما قال الإمام مالك رضي الله عنه ، وهو أمام قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كل رجل يؤخذ منه ويرد عليه إلاّ صاحب هذا القبر. فمن أصاب منهم فله أجران ومن أخطأ فله أجر. والدعاء لهم مثبت في نص القرآن: ” والّذينَ جأؤا مِن بَعدِهِم يَقولونَ ربَّنا اغفِر لَنا وَلإخوانِنا الّذينَ سَبَقونا بالإيمانِ ولا تَجعَل في قُلوبِنا غِلاّ لِلّذينَ آمَنوا رَبَّنا إنَّكَ رؤوف رَحيم ” (48).ـ
خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخلفاء الراشدون الذين أمر هو بإتباع سنتهم: ” عليكُم بِسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلَفاء الراشِدينَ المَهديينَ مِن بَعدي ، عَضّوا عَليها بالنواجِذِ ، وإيّاكُم ومُحدَثاتِ الأمور.. ” (49) ، وهم ضمن العشرة الذين بشرّهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة . ومن الصحابة العلماء من نقلوا لنا الحديث وعلوم الدين الأخرى ، ومنهم من نشروا الدين ففتحوا العراق والشام ومصر وغيرها وبذلك كان لهم ثوابا إلى يوم القيامة ما سجد لله في هذه البلاد ساجد لأنهم تسببوا في ذلك . لذلك فإن سبَّهُم من الكبائر ويخشى أن يقود صاحبه إلى النفاق.
إن واجب المسلم أن يحب صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نتيجة حبه له. وعليه أن يحب آل بيته(50) الطيبين الطاهرين وذريته إكراما له ووفاء لبعض حقه فقد أوصى الأمة بهم . وعلى المؤمن أن لا يؤذي رسول الله في صحابته وآل بيته بذكر مساوئ تنسب إليهم ، وعليه أن يمسك عن ذكر ما اختلفوا فيه: ” تِلكَ أمّة قَد خَلَت لَها ما كَسَبَت ولَكُم ما كَسَبتُم ولا تُسألونَ عَمّا كانوا يَعمَلونَ ” (51). كما أن معاداة أولياء الله من الصحابة وآل البيت وغيرهم ممن جاء بعدهم إلى يوم القيامة عداء لصفوة الأمة ، ومحاربة للدين في شخص خيرة من يدين به. والله تعالى قد تعهد بنصرتهم: ” إن الله يدافع عن الّذين آمنوا إنّ اللّهَ لايُحِبّ كُلّ خوان كَفور ” (52) ، فالله سبحانه وتعالى يحب المؤمنين المتقين ويدافع عنهم ، فمن عادى لله وليا فقد وقف في صف أعداء الله فيؤذنه الله تعالى بالحرب ، سواء كان ذا نفوذ وسلطان أو رجلا من عامة الناس ، لذلك على المؤمن أن يحب الصالحين ويغض الطرف عن هفواتهم ولا يقع في غيبتهم وبغضهم ، لئلا يكون في صف أعداء الله تعالى . ولا يتصور أن الأولياء معصومون عن الأخطاء ، فهم يخطئون ، لكنهم إن تذكروا أو ذُكِّروا فاءوا واستغفروا . ومن أولياء الله الذين خلوا إلى ما قدموا بعد صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآل بيته: الأئمة المجتهدون والعلماء الأعلام ، ويجب عدم الركون إلى الخلاف بينهم أو نقد بعضهم لبعض ، فإن كان بينهم مخطئ ومصيب ، فإن ذلك لن يقلب سيئ أعمالنا حسنا ولا يغني عنا شيئا.

ـ 61 ـ إلتزام الحجاب للمرأة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” صِنفانِ مِن أهلِ النَّار لَم أرَهُما: قوم مَعَهُم سِياط كأذنابِ البَقَرِ يَضرِبونَ بِها النّاسَ ، ونِساء كاسيات عاريات مائلات مُميلات رؤسُهُنّ كأسنِمَةِ البُختِ لا يَدخُلنَ الجَنَّةَ ولا يُرِحنَ ريحَها ، وإنّ ريحَها ليوجَدُ مِن مَسيرَةِ كَذا وكَذا ”
(رواه مسلم)
كرّم الله تعالى المرأة ومن تكريمه لها فرض الحجاب صيانة لها من عيون السوء. فإنتهاك محارم الله من ترك للحجاب وتهتك وتبذل هو من الكبائر ، وهذا التطاول على حرمات الله تعالى ليس أمرا شخصيا بحيث يكون للمرأة الحق في قبوله أو رفضه ، بل هو حق المجتمع لأن النساء الكاسيات لجزء من أبدانهن عاريات للجزء الآخر والمتمايلات في مشيتهن ، لابد وأن يكن فاتنات لبعض من يراهن ، فالحجاب وقاية للمرأة من أن تستهان ووقاية للمجتمع من أن يقترب من الفحشاء ، لذلك كانت عقوبة المتبرجات يوم القيامة كبيرة كما بيّنها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فعملهن هذا محبط لغيره من الأعمال وبهذا يجدن أنفسهن يوم القيامة مفلسات من كل حسنة ، فلا يدخلن الجنة وهن أبعد الناس عنها.
والحجاب للمرأة كلٌ متكامل . فلم يفرض الله تعالى على المرأة أن تغطّي بدنها ثم تنتهك حرمات الله بإظهار الزينة كالروائح العطرية أو التبذل في الكلام أو الغناء. ولم يحرم عليها الإختلاط في الأسواق ليحلّ لها الإختلاط في البيوت مع من لا يحل مخالطتهم من الأقرباء أو المعارف. فالمؤمنة تطبق ما افترض الله عليها بنفس راضية مطمئنة ، وهي ترجو ثواب ذلك من الله والله عنده حسن الثواب.
أما الصنف الثاني الذين ذكرهم الحديث فهم الظَلمة الذين يعتدون على الناس بغير حق من أهل القوة والسلطة وأعوانهم وزبانيتهم . فالظلم ظلمات يوم القيامة والله بريء من الظالمين.
ـ 62 ـ عدم المجاهرة بالمعصية
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
” كُلّ أمّتي مُعافًى إلاّ المُجاهِرونَ ، وإنّ مِنَ الإجهار أن يعمَلَ العَبدُ بالليلِ عَملا ثم يُصبِحُ قد سَتَرهُ ربُّهُ فيقولُ يا فُلانُ قد عمِلتُ البارِحةَ كذا وكذا وقد باتَ يستُرُهُ ربُّهُ فيبيتُ يستُرُهُ ربُّهُ ويُصبِحُ يَكشِفُ سِترَ اللّهِ عنه ”
(رواه مسلم)
إنّ الله تعالى لا يحب أن تشيع الفاحشة بين المسلمين . ” إنّ الّذينَ يُحِبّونَ أن تَشيعَ الفاحِشَة في الّذينَ آمَنوا لَهُم عَذاب أليم في الدُنيا والآخِرَةِ ” (53) ، وظهور المعاصي علانية يشيعها بين الناس ويعوّد الناس على عدم إنكارها ويقلل حياء مرتكبها فلا يستحي أن يرتكب غيرها . لذلك كان إظهار المعصية هو معصية مستقلة إضافية . فعلى من ابتُلِيّ بمعصية وسترها الله عليه أن لا يفضح نفسه بل عليه أن يتوب منها لعل الله تعالى يغفرها له ، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ” ما سَتَرَ اللّهُ على عَبد ذنبا في الدُنيا إلاّ سَتَرَهُ عليه في الآخِرَةِ ” (54) ، وعلى المبتلى بالمعصية أن يدعو الله تعالى أن يعينه لكي يتخلص منها . إن الله تعالى لا يحب أن تشيع الفاحشة أو مخالفة الشرع بين المؤمنين ، فمن أفطر في رمضان فقد عصى الله تعالى ، أما من جاهر بإفطاره فقد جاهر بمحاربة الله تعالى . وعلى المؤمن أن يجتنب مواضع التهم ، فالمسافر أو المريض المرخص له بالإفطار لا يحق له إعلان إفطاره وعليه أن يستتر في طعامه وشرابه.
هناك من يظن أن إخفاء الفاحشة هو من النفاق ، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار. لذلك تجده يتحدث عنما ارتكبه من فواحش وآثام ظانّا أن ذلك يعفيه من صفة النفاق. والحق أن المفاخرة بارتكاب الموبقات هو مجاهرة بمحاربة الله وإشاعة للفواحش بين المؤمنين ، وهو مرتكب بذلك إثما إضافيا فوق إثمه ، وقد فقد الحياء بالتحدث عن الآثام مفاخرة . إن سكوت المبتلى بالفاحشة وهو كاره لها ليس معناه النفاق ، بل المنافق الذي يفعل الفاحشة وهو راض عنها ثم يتظاهر بالصلاح تكلفا ورياء.
ـ 63 ـ عدم إستصغار المحقرات من الذنوب وإجتنابها
عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:ـ
ـ” إيّاكُم وَمُحقَرات الذُنوبِ ، فإنَّما مَثَلُ مُحقَرات الذُنوبِ كَمَثَلِ قوم نَزَلوا بَطنَ واد فَجاءَ ذلكَ بِعود وجاءَ ذا بِعود ، حَتّى حَمَلوا ما أنضَجوا بِهِ خُبزَهُم ، وإنّ مُحقَرات الذُنوبِ مَتى يؤخَذُ بِها صاحِبُها تُهلِكُهُ ” ـ
(رواه مسلم وأحمد وأبو داود)
إن محقرات الذنوب هي الصغائر التي يستهين بها المرء ، فإن أكثَرَ منها واستهان بها أوردته النار ، لذلك قيل: لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار. وعلى المرء أن لا ينظر إلى صغر ذنبه ولكن عليه أن ينظر إلى من يعصي؟ فالمعصية الصغيرة هي معصية لله عز وجل وهي تشترك في هذه الصفة مع الكبائر. وما على المرء إلاّ أن يتبع الذنوب بالإستغفار وبصالح الأعمال.
إن من محقرات الذنوب العادات الذميمة التي يعتادها المرء ولا يكلف نفسه بالإقلاع عنها . فالعادة تتكرر على الدوام ، فتتكرر المعصية مرات كثيرة وبذلك تزداد العقوبة عليها . وعلى المرء الذي ابتلي بعادة سيئة أو إعتاد مخالفة معينة لكتاب الله وسنة رسوله أن يجهد نفسه بالإقلاع عنها قدر الإمكان ، حتى ولو كان ذلك بعض الأحيان . إن مجاهدة النفس لكي تقلع عن عادة سيئة هي من صالح الأعمال ، وقد يثيب الله تعالى المرء بمساعدته على الإقلاع عن تلك المعصية نهائيا أو أن يغفرها له. أما عدم الإكتراث بالسيئات الصغيرة والإكثار منها فهو ما يحذر منه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هنا وهي التي قد تهلك مرتكبها.

ـ1ـ إبن القيم الجوزية: هو شمس الدين محمد بن بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي الفقيه الحنبلي ، ولد سنة 691هـ ، لازم شيخه تقي الدين بن تيمية رحمه الله. كان عالما فقيها ومفسرا صلبا في الدفاع عن آرائه ، له تآليف قيمة كثيرة منها: زاد المعاد ، والكلم الطيب ، والفوائد ، وزاد المسافرين ، وأعلام الموقعين ، وبدائع الفرائد ، وحادي ألارواح ، وعدة الصابرين ، والروح ، وتهذيب سنن أبي داود... وغيرها كثير. توفي رحمه الله سنة 751هـ.
ـ2ـ سورة الأعراف الآية 201.
ـ3ـ رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ـ4ـ أبو بكرة هو نفيع بن الحرث كان من فضلاء الصحابة . تدلى إلى النبي صلى الله عليe وسلم عند حصاره الطائف بواسطة بَكَرة فاشتهر بأبي بَكَرَة . روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وروى عنه أولاده. سكن البصرة.
ـ5ـ سورة النساء الآية 48.
ـ6ـ سورة الإسراء الآيتان 23 و 24.
ـ7ـ سورة لقمان الآية 15.
ـ8ـ سورة النساء الآية 93.
ـ9ـ رواه إبن ماجه والحاكم عن إبن عمر رضي الله عنهما.
ـ10ـ سورة البقرة الآيات 275-281
ـ11ـ رواه أحمد والترمذي وأبو داود وإبن ماجه عن إبن مسعود رضي الله عنه.
ـ12ـ رواه إبن ماجه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ـ13ـ سورة النساء الآية 10.
ـ14ـ سورة الأنفال الآية 16.
ـ15ـ سورة النور الآية 23.
ـ16ـ سورة فصلت الآية 25.
ـ17ـ رواه أحمد والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ـ18ـ سورة الإسراء الآية 32.
ـ19ـ سورة الزمر الآية 32.
ـ20ـ حديث: ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ” متفق عليه.
ـ21ـ رواه الخمسة عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ـ22ـ سورة الفرقان الآية 72.
ـ23ـ سورة إبراهيم الآية 42.
ـ24ـ سورة الشعراء الآية 227.
ـ25ـ رواه ابن عساكر عن ابن مسعود.
ـ26ـ سورة الزخرف الآية 54.
ـ27ـ سورة غافر الآية 46.
ـ28ـ رواه أبو داود والترمذي وأحمد والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما.
ـ29ـ سورة الأعراف الآية 189.
ـ30ـ سورة البقرة الآية 187.
ـ31ـ سورة النساء الآية 32.
ـ32ـ سورة البقرة الآية 229.
ـ33ـ سورة البقرة الآية 264.
ـ34ـ سورة المائدة الآية 91.
ـ35ـ سورة البقرة الآية 188.
ـ36ـ كعب بن عجرة بن أمية البلوي ، أنصاري أو حليف للأنصار. شهد عمرة الحديبية ، ونزلت فيه آيات الفدية ، حيث كان مريضا في رأسه ، فمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: ” إحلق رأسك وأطعم فرقا بين المساكين ” . سكن الكوفة ومات بالمدينة سنة 51هـ وكان له من العمر 75 سنة رضي الله عنه.
ـ37ـ رواه مسلم والترمذي وأبو داود وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ـ38ـ سورة النساء الآية 58.
ـ39ـ سورة يوسف الآية 52.
ـ40ـ رواه البخاري في التأريخ وأبو داود والترمذي والحاكم.
ـ41ـ سورة الحجرات الآية 12.
ـ42ـ أخرجه البخاري.
ـ43ـ سورة هود الآية 18.
ـ44ـ سورة آل عمران الآية 61.
ـ45ـ حديث: ” إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ” رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ـ46ـ سورة البلد الآيات 11-14.
ـ47ـ سورة الأعراف الآية 32.
ـ48ـ سورة الحشر الآية 10.
ـ49ـ رواه الترمذي من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه.
ـ50ـ حديث: ” أذَكِّركُم اللّه في أهل بيتي ” رواه مسلم عن يزيد بن حيان.
ـ51ـ سورة البقرة الآية 134 مكررة في 141.
ـ52ـ سورة الحج الآية 38.
ـ53ـ سورة النور الآية 19.
ـ54ـ رواه مسلم.




الباب الخامس الاستقامة في العادات _

ـ 64 ـ الصدق
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
ـ” إنّ الصِدقَ يَهدي إلى البّر وإنّ البرّ يهدي إلى الجَنّةِ ، وإنّ الرجُلَ ليَصدِقُ حتّى يُكتَبَ عِندَ اللّه صِدّيقا ، وإنّ الكَذِبَ يهدي إلى الفُجورِ وإنّ الفُجورَ يَهدي إلى النّار ، وإنّ الرَجُلَ ليَكذِبُ حتى يُكتَبَ عِندَ اللّهِ كَذابا ” ـ
(متفق عليه)
قال أحمد بن خضرويه(1): مَن أراد أن يكون مع الله فليلزم الصدق فإن الله تعالى يقول: ” يا أيُّها الذينَ آمَنوا اتَّقوا اللّهَ وكونوا مَعَ الصادقينَ ” (2). إن أفضل الصدق هو الصدق مع الله في السر والعلن أي أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك . أما الصدق مع العباد فمنه صدق بالقلب وهو صدق العزم على أداء ما يريد ، وصدق باللسان وهو الإخبار بالشيء على حقيقته ، وصدق بالعمل وهو إيقاع العمل كما يجب . والصادق يوافق قصده قوله و فعله.
الصدق مع الناس يجب أن يكون أساس التعامل . ولا يريد الله أن يبنى المجتمع إلاّ على أساس من الصدق ، فإذا كان ذلك ، عاش الناس في طمأنينة وسعادة . أما إن كان الأساس هو الكذب تعب الناس وشقوا في دنياهم قبل أخراهم . ولقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالصدق حتى أنه نهى عن نقل كلام يعرف الإنسان أنه كذب دون أن ينبه على ذلك وكفى بالمرء كذبا أن ينقل كل ما سمع . وقد مر بنا قوله أن المؤمن يجبل على كل خلق ليس الكذب والخيانة(3). قال بعض الصالحين: عليك بالصدق حيث تخاف أن يضرك فإنه ينفعك ، ودع الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك.
شاع بين الناس أن هناك كذبا أبيضا وكذبا أسود. الكذب بصورة عامة حرام فهو أسود كله. إلاّ أن هناك إستثناءات ضرورية في حالات خاصة ، وهي حالات إختيار أخفّ الضررين . فإذا كان الإثم الذي يقع نتيجة الإخبار بالحقيقة أكبر من الإثم عند عدم ذكرها ، كحالات الصلح بين المتخاصمين الذين يذكر أحدهما الآخر بسوء ، فمن نقل أفضل ما سمع من أحدهما عن الآخر لم يكن كاذبا . كما أن الإخبار بالمعاريض (أي التلميح أوالتمويه) وسيلة لتحاشي الكذب . ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه حينما سأله أعرابي قبيل معركة بدر أنتم ممن؟ فقال: ” نحنُ من ماء ” ، فانصرف الأعرابي وهو يقول من أي ماء؟ أمن ماء العراق؟ بينما كان جواب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشتقا من قوله تعالى: ” واللّهُ خَلَقَ كُلّ دابَّة مِن ماء ” (4) فلم يكذب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يستفد الأعرابي من جوابه شيئا ، وهكذا على المؤمن أن يتخلص من المواقف الصعبة دون أن يخالف الشريعة بالكذب . وكثيرا ما تكون النجاة في الصدق. كان الشيخ محمد الرضواني ـ(5) رحمه الله في مسجده فدخل عليه رجل هاربا ممن يريد أن يبطش به ظلما ، وطلب من الشيخ إجارته ، فأشار إليه أن يلف نفسه بحصير في المسجد. فلما دخل من يطلبه وسأل عنه الشيخ ، تذكر أن النجاة في الصدق وهو موقن بذلك ، فقال له هناك مشيرا إلى الحصير ، فظن الرجل أنه يهزأ به ، فانتهره وخرج ، ونجا الرجل الهارب
إن أحد أصناف البلاء الذي إبتلي به المسلمون اليوم هو الكذب . ففي الوقت الذي ترى فيه أمما أخرى تستند اليوم في معاملاتها بين أفرادها على الصدق ، وتربي أطفالها عليه من نعومة أظفارهم ، بينما المسلمون اليوم ، الذين أمرهم دينهم بالصدق ، ترى الكذب شائعا بينهم بكثرة ، حتى إنك لتجد بينهم اليوم من يفخر به ، بينما كان عرب الجاهلية يستحيون أن يعرفوا بالكذب . فحينما أدخل أبو سفيان بن حرب مع نفر من قومه وكان مشركا عقب صلح الحديبية على هرقل في أرض الشام ، وقد وصله كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حينما دعاه إلى الإسلام ، فسأل هرقل أبا سفيان جملة أسئلة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم يكذب عليه ، وكانت إجاباته كلها مدحا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خشية أن يعرف أمام قومه بالكذب ، فهو خلق ذميم كانت تأبى أنفسهم أن يعرفوا به.
ـ 65 ـ الحياء
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر برجل من الأنصار يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:ـ
” دَعهُ فإنّ الحياءَ مِن الإيمانِ ”
(متفق عليه)
وفي رواية لمسلم: ” الحياءُ كلُّهُ خير ” . الأنصاري كان يعظ أخاه أن يترك الخجل لأنه كان يتصور أن الخَجل يفقد الإنسان كثيرا من الحقوق كما يتصور البعض اليوم . وهنا ينهاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن هذا التصور للحياء.
فالحياء خلق رفيع وهو عند المرأة أجمل . الحياء يمنع الإنسان عن الإتصاف بالأخلاق الوضيعة وعن السمعة السيئة وعن الأقوال الفاحشة وعن كل ما لا يرضاه الطبع السوي. أما إذا فقد المرء الحياء فإنه يفعل ما يشاء من معاصٍ أو آثام أو سوء خلق ولا يخشى في ذلك لوم قريب أو بعيد ، وقديما قيل إذا لم تستحي باصنع ما شئت..
وأعلى درجات الحياء هو الحياء من الله أن يجده ربه حيث ينهاه. قال صلى الله عليه وآله وسلم: ” إستَحيوا مِن اللّهِ حَقّ الحياء ” ، قالوا يا رسول الله كلنا نستحيي من الله قال: ” ليسَ كذلك الحياءُ من اللّهِ ، ولكن الحياء من اللّه أن لا تَنسوا المَقابِرَ والبَلى ، وأن لا تَنسوا الجوفَ وما وعى ، وأن لا تَنسوا الرأسَ وما احتوى ، ومَن يَشتَهي كَرامَةَ الآخِرَةِ يَدَع زينة الحياة الدُنيا ” (6) ، و ” الّذينَ يؤتون ما آتوا وقُلوبُهُم وجِلَة أنَّهُم إلى رَبِّهِم راجِعونَ ” (7). وقد كان عباد الله الصالحون من هذه الأمة ينصرفون من الصلاة على إستحياء من الله تعالى حيث هم موقنون بتقصيرهم ، وبذلك كانوا من الذين: ” يؤتون ما أتوا وقُلوبُهُم وجِلَة أنَّهُم إلى رَبِّهم راجِعونَ ” (8).ـ
الحياء الذي يمنع تعلم العلم والدين مذموم . وليس المقصود هنا نزع الحياء فيهما بل التغلب على الحياء عندما يمنع من التعلم للعلوم الدنيوية أو الأخروية . وقد كان نساء الأنصار لا يمنعهن الحياء أن يسألن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أمور دينهن وقد نلن المدح منه على ذلك.
ـ 66 ـ حفظ اللسان
عن معاذ بن جبل قال قلت يا رسول الله أنؤاخَذُ بما نقول؟قال صلى الله عليه وآله وسلم:
” ثكِلَتكَ أمُّكَ يا مُعاذ وهَل يَكُبّ الناسَ في النّار على مَناخِرِهِم إلاّ حَصائِدُ ألسِنَتِهِم” .
(أخرجه الترمذي وصححه وإبن ماجه والحاكم)
قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: من عدّ كلامه من عمله قلّ كلامه. وقال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: ما من شيء أحق بطول السجن من اللسان . وعلى المرء أن يتذكر على الدوام قوله تعالى: ” ما يَلفِظُ مِن قول إلاّ لَديهِ رَقيب عَتيد ” (9). وقال بعض الحكماء إنما خلق للإنسان لسان واحد وعينان واذنان ليسمع ويبصر أكثر مما يقول ، ثم أنه حبس بأربعة أبواب الشفتان مصراعان والأسنان مصراعان . وما يحصل الحكماء على الحكمة إلاّ بالتفكر والصمت.
للسان آفات لاتعادلها آفات عضو آخر في البدن . فمن آفاته الكذب ، والوعد الكاذب ، والغيبة ، والنميمة ، والمزاح ، والمراء ، والجدل ، والفحش في الكلام ، والكلام فيما لايعني وفضول الكلام ، والخصومة ، واللعن ، والسخرية والإستهزاء ، والحلف الكاذب ، والخوض في الباطل ، والتقعر ، والتشدق ، والتكلف في الكلام ، والغناء ، وقول الشعر الماجن ، وإفشاء السر ، والمدح أمام الممدوح ، والذم بما لا يستحق... ومثل هذه الآفات يستحق كل واحد منها الحذر من الوقوع في مساوئه ، وكلها من آفات اللسان . لذلك على المؤمن أن يقول خيرا أو ليصمت(10).ـ
وعلى المؤمن أن يراقب كلامه أكثر من كلام الناس ، فلا يتكلم إلاّ بعد رَوِيَّة وتفكر ، فإذا ما نطق بالكلمة ، خرجت الكلمة من سيطرته وأصبحت ملك من سمعها . أما قبل ذلك فهي ملكه إن شاء تفوه بها وإن شاء كتمها . وعلى المرء أن لا يستهين بالكلمة ، فرب كلمة أحدثت فتنة ، ورب فتنة تسببت في إزهاق أرواح أو في خصام وشقاق. ألا تستحق مثل تلك الكلمة أن يهوي بها صاحبها في جهنم ، كما قال عليه الصلاة والسلام: ” إنّ الرجُلَ ليَتَكَلّم بالكَلِمَةِ من سَخَطِ اللّهِ ما يَظُنّ أن تَبلُغَ ما بَلَغَت فيَكتُبُ اللّهُ عليه بها سَخَطُهُ إلى يوم القيامَة ” (11). وهكذا يكون اللسان واحدا من أكثر ما يدخل الناس النار كما سيأتي في الحديث الآتي.
ـ 67 ـ حسن الخلق
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ، قال: ” تَقوى اللّه وحُسنُ الخُلُقِ ” ، وسُئِل عن أكثر ما يدخل الناس النار ، فقال: ” الفَمُ والفَرجُ ”
(رواه الترمذي وقال حسن صحيح)
سبق أن مر بنا في الحديث (46) قوله صلى الله عليه وآله وسلم ” أن البر حسن الخلق” . مدح الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ” وإنَّكَ لَعَلى خُلُق عَظيم ” (12). وقد بلغ من حسن خلقه أن كان يقابل عداء قومه له بدعائه: ” اللّهُمَ اهد قومي فإنّهُم لا يَعلمون ” (13) ، وكان أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: خَدمتُ النبي عشر سنين فما قال لشيء فعلته لِمَ فعلته ولا لشيء تركته لم تركته(14). وكان من دعائه صلى الله عليه وآله وسلم: ” اللّهُم إهدِني لأحسَنِ الأخلاقِ ، لا يَهدي لأحسنِها إلاّ أنت ، واصرف عني سيّئَها لا يصرف سيّئَها إلاّ أنت ” (15).ـ
روي أن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه دعا غلاما له فلم يجبه فدعاه ثانيا وثالثا فلم يجبه ، فقام إليه فرآه مضطجعا فقال أما تسمع يا غلام ، فقال نعم ، قال فما حملك على ترك جوابي؟ فقال أمنت عقوبتك فتكاسلت ، فقال إمض فأنت حر لوجه الله تعالى . وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إذا رأى واحدا من عبيده يحسن الصلاة يعتقه ، فعرفوا ذلك من خلقه فكانوا يحسنون الصلاة مراآة ، وكان يعتقهم ، فقيل له في ذلك فقال من خَدعنا في الله انخدعنا له. وكان الفضيل بن عياض يقول: لئن يصحبني فاجر حسن الخلق أحب إليّ من أن يصحبني عابد سيئ الخلق. وعرّف الحرث المحاسبي حسن الخلق بقوله: إحتمال الأذى ، وقلة الغضب ، وبسط الوجه ، وطيب الكلام.
المؤمن يكون حسن الخلق ، يألف الناس ويألفونه ، ويحسن معاملتهم ويبسط وجهه لهم ، وإذا غضب تذكر ففاء. وإذا لم تكن أخلاقه كذلك جاهد نفسه لكي يحسِّن خلقه ويدعو الله أن يعينه على ذلك ، ومجاهدة النفس في ذلك من أقرب القربات إلى الله تعالى.
والحديث من جوامع الكلم فهو يحث على التقوى كذلك ويحذر من شهوات الطعام والكلام الذان هما مما ينتج من الفم ومن شهوة الفرج
ـ 68 ـ إجتناب الغضب
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
” ليسَ الشَديد بالصرعةِ إنَّما الشَديدُ مَن يَملِكُ نَفسَهُ عند الغَضَبِ ” .
(متفق عليه)
مدح الله المؤمنين بقوله: ” والكاظِمينَ الغيظَ والعافينَ عَنِ الناسِ ” (16) وكذلك : ”وإذا ما غَضِبوا هُم يَغفِرونَ ” (17)ـ فالغضب محتمل على ابن آدم ولكن ما مطلوب هو عدم فقدان العقل والسيطرة على النفس أثناء الغضب بحيث لا يرتكب أثناء غضبه ما لا يحبه الله من قول أو فعل.
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يغضب لنفسه ، وربما تطاول عليه بعض الجهلة أمام أصحابه فلا يغضب ، وينهى أصحابه أن يؤذوا مثل هؤلاء الجهلة ويأمرهم بالترفق بهم . أما إذا ما ارتكبت حرمة من حرمات الله تعالى فكان يغضب ، وربما يشتد غضبه فيأمر من ينادي بالناس لكي يبين لهم ما أشكل عليهم . وكان صلى الله عليه وآله وسلم ينصح لمعالجة الغضب بالوضوء فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم: ” إذا غضب أحَدكُم فليتوضَأ بالماءِ فإنَّما الغَضَبُ مِنَ النَّارِ ” ، أو أن يلصق خده بالتراب(18) ، وذلك تذكرة للإنسان بأن نهايته هي الموت وأن لا شيء من أمر الدنيا يستحق أن يغضب عليه لأن نهايته الفناء.
إن نهي المؤمن نفسه عن هواها عند ثوران غضبه وكبت تلك الأهواء هو من مجاهدة النفس ، وفي ذلك يمدح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من يستطيع ذلك ويصفه بالشدة ، وكلما كان كبت تلك الأهواء أسرع كلما كان ذلك أكثر ثوابا وأعظم أجرا فإن سرعة الفيء بعد الغضب دليل ضبط النفس ومخالفة هواها.
قيل لعبد الله بن المبارك: أجمِل لنا حسن الخلق في كلمة قال: أترك الغضب . وقال عبدالله بن عمر ما جرع رجل جرعة أعظم أجرا من جرعة غيظ إبتغاء وجه الله.
ـ 69 ـ العفو
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” ما نَقَصَت صَدَقَة مِن مال ، وما زادَ اللّهُ عبدا بِعَفو إلاّ عِزّا ، وما تواضَعَ أحَد للّهِ الاّرَفَعَهُ ” .ـ
(رواه مسلم والترمذي)
قال الله تعالى : ” خُذ العفوَ وأمُر بالعُرفِ وأعرِض عَنِ الجاهلينَ ” (19) ، وقال: ” وأن تَعفوا أقرَبُ للتَقوى ” (20)،وقال: ” فَمَن عَفا وأصلَحَ فأجرُهُ على اللّهِ ” (21).ـ
عن مبارك بن فضالة قال وفد سوار بن عبد الله في وفد من أهل البصرة إلى أبي جعفر المنصور ، قال :كنت عنده إذ أتي برجل فأمر بقتله فقلت يقتل رجل من المسلمين وأنا حاضر ، فقلت يا أمير المؤمنين ألا أحدثك حديثا سمعته من الحسن قال وما هو قلت سمعته يقول: إذا كان يوم القيامة جمع الله عز وجل الناس في صعيد واحد حيث يسمعهم الداعي وينفذهم البصر فيقوم مناد فينادي من له عند الله يد فليقم فلا يقوم إلاّ من عفا فقال: والله لقد سَمعتَه من الحسن؟ فقلت والله لقد سمعتُه منه فقال خلينا عنه.
قال بعضهم: ليس الحليم من ظُلم فحلم حتى إذا قدر إنتقم ، ولكن الحليم من ظُلم فحلم حتى إذا قدر عفى.. وقال عمر رضي الله عنه: تعلّموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والحلم . وقال علي رضي الله عنه: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك ، وأن لا تباهي الناس بعبادة الله ، وإن أحسنت حمدت الله وإن أسأت إستغفرت الله تعالى.
إن ما ورد في هذا الحديث حث على عدم الحقد على الناس نتيجة أذاهم ومعاملتهم بالعفو ، وليس ذلك ظاهرا فقط فيما بينه وبينهم ، بل وباطنا أيضا فيما بينه وبين الله تعالى ، فهو يعفو عنهم ويدعو الله أن يهديهم ، كما حكى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نبي يدعو: ” اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ” (22) ، بعد أن ضربوه فأدموه ، لذلك فهو يعفو عن أذاهم لشخصه. أما من أصر على محاربة الله ورسوله ودينه فلا عفو معه لأن حق الله تعالى في إقامة حدوده ليس بيد الناس إن شاؤوا أخذوا به وإن شاؤوا عفو عنه ، بل ذلك لله وحده وهو قد فرض حدوده لإقامة الحياة . أما شؤونهم الخاصة فقد حثهم الله تعالى على العفو عنها ، في هذا الحديث.
لما حلف أبو بكر رضي الله عنه أن لا ينفق على مَسْطَح (وكان أحد أقاربه) حيث كان من بين الذين تحدثوا بحديث الإفك عن عائشة رضي الله عنها ، وكان قبل ذلك ينفق عليه ، نزل قوله تعالى: ” ولا يأتَلِ أولوا الفَضل منكُم والسَعَةِ أن يؤتوا أولي القُربى والمساكينَ والمُهاجرينَ في سَبيل اللّهِ وليَعفو وليصفَحوا ، ألا تُحِبّونَ أن يَغفِرَ اللّهُ لَكُم ” (23) ، فقال أبوبكر: نعم نحب ذلك وعاد إلى الإنفاق عليه(24). وهكذا فالمؤمن لا يحقد على أحد ، بل يعفو ويصفح ، لكنه كَيِّسٌ فطن ولا يلدغ من جحر مرتين.
في عام الحديبية ، حاول ثمانون رجلا من التنعيم صلاة الصبح ليقتلوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بغتة ، فأمسكهم أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجاؤوا بهم إليه ، فأعتقهم وأطلقهم(25) ، كما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه عفى عن الشاعر أبي عزة الجمحي بعد أسره في معركة بدر بعد تعهده أن لا يحارب المسلمين ، ولا يهجو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا المسلمين ، لكنه أخلف وعده بعد أن خضع لضغوط المشركين واشترك في غزوة أحد ، فأسره المسلمون وعند ذلك أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بقتله. فذلك العفو هو جزء من وسائل الدعوة في تأليف القلوب وتحبيب الإيمان إلى النفوس.
وتطاول رجل على الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه قائلا: يا مبتدع يا زنديق ، فقال أبو حنيفة: غفر الله لك ، ألله يعلم مني خلاف ما قلتَ ، وإني ما عدلت به أحدا منذ عرفته ولا أرجو إلاّ غفرانه ولا أخاف إلاّ عقابه ، ثم بكى عند ذكر العقاب وسقط سريعا ، فلما أفاق قال له الرجل إجعلني في حل ، فقال كل من قال فيّ شيئا من الجهل فهو في حِلٍّ (حيث أن ذلك من حقوق نفسه فعفى عنه ) ، ومن قال فيّ شيئا مما ليس فيّ من أهل العلم فهو في حرج ، فإن غيبة العلماء تُبقِي شيئا بعدهم ( أي لا ينتهي أثرها بعد الكلام - لاحظ أن هذا من حقوق الله تعالى وليس من حقوق نفسه فلم يعف عنه) . وهكذا فإن العلماء الأتقياء يسيرون على هدي رسول الله صلى الله عليه في العفو عن حقوق أنفسهم . أما حقوق الله المتمثلة بغيبة وذم العلماء الأتقياء عن علم بذلك فهي موكلة لله تعالى.
ـ 70 ـ التواضع
عن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” إن اللّهَ أوحى إليّ أن تواضَعوا حَتى لا يَفخَرَ أحَد على أحد ، ولا يبغي أحد على أحد ”
(رواه مسلم)
التواضع من سيد الأخلاق والتكبر من سيئها . حكي عن الحسن البصري أنه ذكر قوله تعالى: ” وَعِبادُ الرَحمَنِ الّذينَ يَمشونَ عَلى الأرض هونا ” (26) ، فقال:المؤمنون قوم ذلل ، ذلت لله الأسماع والأبصار والجوارح حتى يحسبهم الجاهل مرضى ، والله ما بالقوم من مرض وإنهم لأصحاء القلوب ولكن دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة . وقال بعض العلماء(27): من أعطي مالا أو جمالا أو ثيابا أو علما ثم لم يتواضع فيه كان عليه وبالا يوم القيامة . وقال موسى بن القاسم كانت عندنا زلزلة وريح حمراء فذهبت الى محمد بن مقاتل(28)،فقلت يا أبا عبد الله أنت إمامنا فادع الله عز وجل لنا ، فبكى ثم قال ليتني لم أكن سبب هلاككم . قال فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم فقال إن الله عز وجل رفع عنكم بدعاء محمد بن مقاتل . وهذا دأب الصالحين لا يرون لعبادة أنفسهم وتقواها أية قيمة تجعلهم يعجبون بأنفسهم ولا يرون أن لهم فضلا على غيرهم . هذا في العبادة والتقوى فما بالك بالمال والجاه أو متاع الحياة الدنيا؟
إن التكبر أحد الأسباب الرئيسة للكفر. قال تعالى: ” سأصرِفُ عَن آياتيَ الّذينَ يتَكَبَّرون في الأرضِ بِغيرِ الحَقّ ” (29). ولم يكن سبب عناد فرعون هذه الأمة ، أبوجهل(30) إلا تكبره ، فحينما سئل عن سبب عدم إسلامه مع معرفته أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس بكاذب ، قال: تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف ، أطعموا فأطعمنا ، وحملوا فحملنا ، وأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تجاثينا الركب وكنا كفرسي رهان ، قالوا منا نبي يأتيه الوحي من السماء! فمتى ندرك هذا؟ والله لا نسمع له أبدا ولا نصدقه. فالتكبر هذا بسبب الجاه والشرف وعزة القوم والعشيرة أو في حالات أخرى بسببب المال أو المنصب أو العلم أوالذكاء والمقدرة أو كثرة الأتباع ، إنما هو من تسويل الشيطان.



الاستقامة في مائة حديث نبوي 4

ماسينيسا
طالب نشيط
ماسينيسا
طالب نشيط

السٌّمعَة : 30
ذكر
نقاط : 1460
الاستقامة  في مائة حديث نبوي 4 Empty
الاستقامة  في مائة حديث نبوي 4 Clock13 2012-02-11, 7:09 pm

[ thanks ]

مرسي

[على] الموضوع تستاهل تقييم و تشجيع [على]
المجهودات الرائعة
ننتظر

منكـ
المزيد |
دمت مبدعا و بـــ الله
ـــاركـ فيك
تح
ــياتي وشكري ليك
دمت


الاستقامة في مائة حديث نبوي 4

استاذ المنتدى
طالب نشيط
استاذ المنتدى
طالب نشيط

السٌّمعَة : 34
ذكر
نقاط : 1989
الاستقامة  في مائة حديث نبوي 4 Empty
http://omaarab.7olm.org/
الاستقامة  في مائة حديث نبوي 4 Clock13 2012-02-19, 7:03 pm

مشــكور على الموضوع

و علـــ إفادتك

لنا و للجمـــيعـ ـــى

ننتظر المزيد من

إبداعاتك و نشاطك

وإفادتك


 مواضيع مماثلة

-
» الاستقامة في مائة حديث نبوي 5
» الاستقامة في مائة حديث نبوي 3
» الاستقامة في مائة حديث نبوي 2
» الاستقامة في مائة حديث نبوي
» مائة سؤال وإجابة واحدة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتدى :: بــــحوث مدرسية-

Urban Leveling manga | Sweet Enemy manga | Black Queen manga | D-List Actress On The Rise manga | Emp’s Contracted Ex manga | Marry to Find Love manga | Mind-Reading Princess manga | Help! My Pokeman Boyfriend Is real | Exclusive Possession of Your Heart manga | Her Majesty Is Busy manga | raw manga | The Strongest God King | read raw manga | Versatile Mage manga | Release That Witch | Springtime for Blossom | Tales of Demons and Gods | تفسير حلم الثعبان | تفسير حلم قص الشعر | تفسير حلم الحمل | initial d apk | h tweaker apk | apk hello neighbor | Apk D-Touch 4.1 | apk jio 4g voice