قصة قصيرة – من وحي الشهيد محمد الدرّة –
المسدّس البلاستيكيكتبها : الزموري في سنة 2000 م
مناسبة كتابة القصة:قام
الجيش الإسرائيلي بقتل الطفل الشهيد محمد درة ، وقد صورت القنوات الفضائية
على المباشر حادثة الاغتيال البشع، ولمن لم يره إليك الفيديو
وللمزيد عن الحادثة:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]تأثرت لهذه الحادثة وكتبت هذه القصة وهي أول وآخر قصة كتبتها***********************************************************
قصة قصيرة – من وحي الشهيد محمد الدرّة –
المسدّس البلاستيكي
كتبها : الزموري(عبد المجيد بلحاج)
هناك
وعلى تلك الأرض المباركة فلسطين، وفي حيّ من أحياء القدس يوجد بيت بسيط،
تنبت حوله الأحلام عند كل مطلع فجر، فتدوسها أقدام العفن. عندما تأتي هذه
الأقدام كالوحش الكاسر يأتي معها الموت باحثا عن الحياة ليميتها، وعن
الابتسامة ليطفئها. هذه الأقدام العفنة تركل كلّ شيء أمامها حتى ذاك الصّبي
أمين وهو يلعب أمام باب بيته بمسدس بلاستيكي، وقد طافت حوله رعاية والديه
سميّة و أحمد.
إنّ أمين صارت تخيفه هذه الأقدام النجسة حتى أنه
يرتمي في أحضان أمه كأنه عصفور صغير أرعبه نسر كبير غطى عليه الأجواء،
وضيّق أمامه الأفق ، إنه يدرك ما يحدث… يعرف بفطرته أنّ هذه الأقدام النتنة
لا تحبه، ولا تحب أباه وأمه، لا تحب لعبته التي كانت مسدسا بلاستيكيا ،
لكن من هؤلاء؟ وماذا يريدون؟ لا أحد يجيبه.
عليك بالرحيل من هنا
وفورا، هذه الأرض ليست لك جملة يسمعها أحمد كل يوم، بل كان يسمعها أبوه من
قبل، دائما تُكرر، يريدون منه أن يترك تلك الأرض الصغيرة التي نما فيها
كتلك الزهور التي تتفتح على استحياء وخوفا من الموت القادم المحب للفناء ،
العدو للحياة.
في هذا الصباح ركلوا الباب
الذي لم يعد صالحا من كثرة ما ركلوه، كما لم يعد التصليح ينفع فيه من كثرة
تلك الألواح والمسامير التي كان يضعها أحمد عليه بعد كلّ ركْلٍ وكسْرٍ،
جاءوا وهم يلتفتون يمينا وشمالا منصبين رشاشاتهم نحو الباب ، ثمّ صاح أحدهم
بلهجة فلسطينية: يا أحمد البيت محاصر، احنا عارفين أنك هنا، اخرج ولا
تقاوم، فُتِح الباب قليلا ليظهر رجلا طويل القامة، نحيف، في عينيه لمعان
وحدّة، وقد لاحت على وجهه علامات الغضب المكتوم والصبر المرير. ارفع يديك،
التفت إلى الوراء، انبطح، ثم قال آخر: سأقتلك أيها الوغد الحقير، لقد حفظ
أخمد هذه الأوامر ، وألف هذه الشتائم، حتى أنه صار يفعل ذلك تلقائيا أحيانا
قبل أن يأمروه، لقد كان يرى أباه يفعل ذلك، وفي هذا المكان، ومع هذه
الوجوه البائسة الحقيرة الحاقدة. إنّ أباه ورّثه هذا البستان وهذا الدوران
وهذا الانبطاح أيضا، كما ورثه الصمت والصبر، ولكن إلى متى؟ أيبقى أمين يفعل
ذلك بعده؟ إلى مت؟ إلى متى؟ متى ينفجر هذا البركان الذي لم تتسع له الأرض
فاتسع له صدر احمد؟ إلى متى يبقى هذا الحال؟
نظرة شرر تطايرت من
عين أحمد نحو ذلك الجندي الإسرائيلي الذي راح يقترب من باب البيت وهو
يزمجر كالذئب الجائع الباحث عن الشاة ليطفئ غليل عطشه إلى الدماء، همّ أحمد
بالاندفاع نحو الباب ليحمي ولده وزوجته لكن ضربة قوية بمؤخرة البندقية على
قفاه أردته أرضا فاقدا للوعي.
يتبع ..../ ......