بسم الله الرحمن الرحيم

الحـمد لله رب العـالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين ..أما بعد ..
فأنا
كذلك أرحب بكم جميعاً أيها الأحباب على حضوركم وعسى الله سبحانه وتعـالى
أن يبارك في هذه الساعة التي ستقضونها مع حديثٍ من أخيكم وأرحب إن سمحتم
خـاصة بالوفد الذين جاؤا من خارج الرياض والوفود الذين جـاؤا من خــارج
المملكة وعلى رأسهم أولئك الإخوان الذين أحببناهـم في الله سبحـانه
وتعــالى والذين جــاؤوا من الإمارات فحياهم الله وكتب لهم مجيئهم..حديثي
أيها الأحباب بهذا العنوان الذي قرأت " جزء من الحقيقة " إذاًَ لن أستطيـع
ولن يستطيع غيري إطلاقاً أن يفي بالحقيقة كاملةً إنما حديث الناس أجمع
عبارةٌ عن جـزء من هذه الحقيقةالكبرى .. يقول الله سبحـانه وتعالى في سـورة
النبأ( يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً )خلق الإنسـان ضعيفاً
فلن يستطيـع الإنسان على الإطلاق أن يفك من هذا الضعف, يمكن أن تكون قوياً
بالنسبة لي ويمكن أن أكون غبياً بالنسبة لك لكن ثق تمام الثقة وأيقن تمام
اليقين أنني وإياك والثالث والرابع والخلق أجمع كلهم ضعفاء فقراء يحتاجون
إلى ربهم سبحانه وتعالى وهنا أسـأل أيها الأحبـاب هل يمكن أن يوجد أحد
بالبشرية أجمع من المسلمين أو من غيرهم ليقول أنا ممكن أستغني عن الله
عزوجل لايمكن البت ولذلك قال الله سبحانه وتعالى منادياً الناس أجمــع في
سورة فاطر : ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد)
فالإنسان فقير ذاتياً إلى ربه سبحانه وتعالى وصاحب الغنى المطلق هو الله عز
وجل وحينما يشــعر الإنسان بأنه يمكن أن يستغني عن ربه سبحانه وتعالى وأما
سبب قوة في بدنه أو صحته وعافية أوكثرة في ماله فأعلم أنما هذه نهاية هذا
الإنسـان يقول الله عز وجل( كلا إن الإنسان ليطغى أن راءه استغنى الإنسان
والواحد منا أيها الأحباب عارياً إلا أن يكسوه الله .الواحد منا أيها
الأحباب جائعاً إلا أن يطعمه الله .. الواحد منا أيها الأحباب ضالاً إلا
أنيهديه الله ..وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي
يـرويه الإمام مسلم من حديث أبي بر ذاك الحديث القدسي وهو أشرف حديثٍ لأهل
الشام والذي كان من رجال إسناد هذا الحديث أبو إدريس الخولاني رضي الله عنه
كان أبو إدريس إذا حــدث بهذا الحـديث حبشـي على ركبته لا يستطيــع ولا
يتحمل المعاني العظيمة التي تضمنها هذا الحديث ..يقول النبي صلى الله عليه
وسلم عن ربه سبحـانه وتعالى:يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم
محرماً فلا تظالموا.يــاعبادي كلكم ضالاً إلا من هديته فشهد وني أهدكم ..
يا عبـادي كلكم عـارياً إلا من كسـوته فاكسـوني أكسـيكم.. يا عبادي كلكم
جائـعاً إلا من أطعمته فاستطعمــوني أطعمكم ..يا عبادي إنكم تخطئون بالليل
والنهار وأنا أغفر لذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم .. يا عبادي لو أن
أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانــوا على أفجـر قلب رجلٍ منكم مانقص ذلك من
ملكي شيئا ..ياعبادي لو أن أولكم وأخـركم وأنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب
رجلاً منكم مازاد ذلك في ملكي شيئاً .. ياعبادي لو أن أولكم وأخركم وأنسكم
وجنكم قاموا في صعيدٍ فسألوني وأعطيت كل وأحد منكم مسألته مانقص ذلك من
ملكي شيئاً إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل في البحر ياعبادي إنما هي أعمالكم
أحصيها عليكم ثم أدفنكم أيها وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا
يلومن إلانفسه "لذلك أيــها الأحباب فا الإنسان المخلوق لايناسبه الكبر
إطلاقاً, إن الكبــر صفةٌ ذماً للإ نسان وهي صفة مدح وكمال بالنسبة لله
سبحانه وتعالى أنت أيها الإنسان تتكبر على ماذا؟مالذيأخرجإبليس من الجنة
إلا الكبر وحســده لأدم عليه السلام (وإذ قال ربك للمـلائكة أسجدوا لأدم
فسجـدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ) ما الــذي خسف بقارون
وبملكه وبيته إلا إنه تكبر ونسي حقيقتة أنه مخلوق ضعيف (يريد الله أن يخفف
عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً )فحينما أصبح عنده ذلك المال العظيــم ظن أنه
يمكن أن يستغني عن ربه سبحانه وتعالى فكانت تلك نهايته ولذلك يحـذر النبي
صلى الله عليه وسلمويقول لن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبه خردل من كبر )لماذا؟ لأن الإنسان لا يناسبه الكبر .. تتكبر على ماذا ..أنت أيها الإنسان لا
يناسبك
إلا التواضـع والله العظيم لايناسب المخلوق إلا التواضع ..التواضع الذي
يناسب خلقك يناسب ضعفك ويناسب جهلك ويناسب قدرتك وينــاسب حقيقتك إنه
التواضــع الذي لا يتكلف أيها الأحباب.. أيها الإنسان المتكبر أنظر إلى
دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن تقارن به ولا أن تقترب منه بذله
وصبره ومكانته عند الله عز وجل كان النبي صلى الله عليه وسلم أعظم من عرف
هذه الحقيقة أو جزءاً كبيراً منها أدرك أنه إنسان مخلـوق مع أنه نبي يوحى
إليه ويبشر بالجنة ولكن لم ينسى أنه بشر ولم ينسى أنه مخلــوق ضعيف محتاجاً
إلى ربه سبحانه وتعالى فكانت دعوته صلى الله عليه وسلم " اللهم إني عبدك
ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك ..ثم ســأل ربه
بأسماءه الحسنى وصفاته العلى ..هل تذكرون أيها الأحباب دعـوة مـوسى عليه
السلام وقد ذكرها الله سبحانه وتعالى في سورة القصص حينما سقى للفتاتين ثم
تولى إلى الظل وقال (ربي إني لما أنزلت إلي من خيراً فقير) ماأجمل هذا
الدعاء مـاأروعه مأصدقه إنه يوافق الحقيقة التي كان عليها موسى عليه السلام
(إني لما أنزلت إلي من خيرٍفقير) أي والله مازادت معـرفة الإنسان بربه إلا
وزادت معــرفته بنفسه وضعفه وشدة حاجته إلى الله العظيم ومازاد الإنسان في
تكبـره إلا ودل ذلك على جهله بنفسه وبربه سبحانه وتعالى قال النبي عليه
الصــلاة والسلام في مجمل من الصحابة ( لن يدخل أحدكم الجنة بعمله فقال
الصحابة يارسول الله حتى أنت "يعني كأنهم يقولون نحن يارسول الله لن ندخل
الجنة بأعمالنا فأعمالنا ستبقى أعمالاً قليلة فيها من الشــوائب الشيء
العظيم لكن حتى أنت يارسول الله لن تدخل الجنة بعملك > فيقول النبي صلى
الله عليه وسلم مخبراَ لهم بالحقيقة : حتى أنا إلى أن يتغمدني الله سبحانه
وتعالى برحمته هذه مقولة النبي صلى الله عليه وسلم إذاَ ماذا نقول نحن
مقولة الذي غفر له ماتقـدم من ذنبه وما تأخر الذي لم يعصي مثل عصياننا
مقولة الذي لم يرتكب ما ارتكبنا ولـم يستمع إلى ما استمعنا إليه ولم يقل من
السب والشتم
والغيبة والنميمة ما قلناه ... مقولة ما عملنا في الأعمال
الصالحة ولا نصف ما عمل ولاربع ما عمل ولا واحد على ألف مما عمــل صلى الله
عليه وسلم فيعلن هذه الحقيقة حتى أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته لماذا
أيها الأحباب ؟ لأن عمل الإنسان مهما بلغ فسيبقى قليلاَ أمام حــق الله
سبحانه وتعلى ولذلك جاءت أعظم سورة بالقرآن أعني سورة الحمد تفتح الحمـد
الله رب العالمين ... من هو الحامد هنا أيها الأحباب ؟ هو الله ومن هو
المحمود هنا أيها الأحباب ؟ هو الله إذاً الله سبحانه وتعالى يحمد نفسه
.ذكر أهل العلم مما ذكـــروا من الفوائد من حمد الله لنفسه في هذه السورة
فائدتان الفائـدة الأولى : أن الله سبحـانه وتعالى حمد نفسه ليعلمنا أن كل
نعمة نعيشها إنما هي منه سبحانه وتعالى فيجب أن نحمده وأن نشاهد منته وأن
نستحضر نعمته (وأن تعدوا نعمة الله لا تحصوها وما بكم من نعمة من الله)
والفائدة الثانية : أن من رحمة الله ونعمته أن حمد نفسه سبحــانه وتعالى
وإلا فهل يستطيع الواحد منا أن يحمد الله حق حمده .لو اجتمع الأنبياء وهــم
أصدق الناس لهجة وأفصحهم بياناً وحمداً وثناءاً على الله ليثنوا على الله
حق الثنـاء ماأستطاعوا أن الله أعظم أن الله أكثر ولذلك كان النبي صلى الله
عليه وسـلم يقــول(اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك
لاأحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك )إذاً الإنسان لايناسبه الكبر
البت لايناسبه إلا التواضع وإن أعظم التواضع أن تتواضع لشرع ربك سبحانه
وتعالى تواضع لرب العرش علك ترفع ( فما خاب عبداً للمهيمن يخضع) أيها
الإنسان المتكبر ماالذي تستطيعه حتى تتكبر أمـــام الأشياء التى لاتستطيع
..أيها الإنسان ماالذي تملكه حتى تتكبــر على ربك وشـرعه وعلى سنة نبيه
أمــام الأشياء التي لا تملكها أنت في أصلك لم تكن تملك شيئاً فا الله
سبحانه وتعالى يقول ( ياأيها الذين أمنوا أنفقوا مما رزقناكم )إذاً ما
تملكه هو رزق الله سبحانه وتعالى ( أنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) لا ولن
تذهب من هذه الدنيــا وما تملكه معك وقد ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم
أن المرء إذا مات تبعه ثلاث فيرجع اثنان ويبقى واحد تبعه عمله وماله وأهله
ورجع ماله وأهله وبقـى عمله بل أنت أيها الإنسان لم تكن موجوداً قبل ثلاثين
سنه أنا أجزم أن كثيراً منا لم يكن موجوداً على هذه البسيطة قبل أربعين
بعضنا لم يكن موجود على هذه الأرض قبل مائة سنه لم يكن ولا واحد منا إلا ما
شاء الله سبحانه وتعالى موجود في هذه الحياة وبعد مائة سنة والعلم عند
الله والأمر بيده لن يكون أحد منا موجود على هذه البسيطة .. يقول الله عز
وجل ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً) إي والله قد
حين من الدهر لم نكن مخلوقين أيها الأحباب ويقول الله عز وجل ( كل نفس
ذائقة الموت وإنما توفونأجوركم يوم القيامة ) بل أقول لنفسي وإخواني حتى
نعلم ضعفنا أمام قوة الله حتى نعلم جهلنا أمام علم الله حتى نعلم فقرنا
أمام غنى الله حتى نعلم حاجاتنا أمام بر الله سبحانه وتعالى أقول أيها
الأحباب ما الذي نعلمه وها نحن قد قرأنا وسمعنا وأطلعنا أمام مـالا نعلمه ؟
الله سبحانه وتعالى أعطانا هذه الحواس الخمسة حتى نطالع على هذا الكـون
وقال الله سبحانه وتعالى " الله أخرجكم من بطون أمهـاتكم لا تعلمــون شيئا "
وكلما أكتشف الإنسان وقرأ واخترع سيلاحقه قول الله سبحانه وتعالى " وما
أوتيتم مـن العلم إلا قليلا " العلم قد تقدم لكن تلاحقه هذه الآية " وما
أوتيتـم من العلم إلا قليلا " هــذا الكون أيها الأحباب نطلع عليه ونتأمل
منه ونشعر بعظمته بما أعطــانا الله سبحـانه وتعالى من هذه الحواس الخمس
لكن يقول أهل الإختصـاص إن في هذا الكـون آلاف الإشعاعات والأضواء ومع ذلك
لانستطيــع بقدرتنا المحدودة أن نرى بأعيننا إلا سبعة منها فقط وهي ألون
الطيف المعروفة .. فهناك ألوان كما تعرفون تسمى بألوان فـوق البنفسجية
وألوان تسمى بألوان تحت الحمراء هذه لا نـــدركها نحن إذا ما عـرفنا من
الألوان إلا هذه السبعة فقط هناك في الكون عشرات الآلاف من الموجات الصوتية
ومصادر الصوت ونحن لانستمع من هذه المصادر وهذه الإهتزازات إلا الشيء
اليسيـر منها وهي المسماة بالموجات السمعية وهناك موجات تسمى موجات فــوق
السمعية وتحت السمعية لاندرهكها نحن إذا قدرتنا محدودة وهناك نتذكر قــول
النبي صلى الله عليه وسلم حينما ذكر كيفية تعذيب الملائكة للإنسان الكافر
في قبره فيضرب بمـرزبة من حديد على قفاه فيصيح صيحة يسمعها كل أحد إلا
الثقلين " يقول أحد العلماء يتكلم عن ما الذي أدركه الإنسان من نفسه فضلاَ
عن هذا الكون الواسع الشاسع فيقول مـا الإنسان أمام هذا الكون إلا كالطفل
الصغير الذي أخذ يلعب على حافة ساحلٍ لبحرِ واسع عميق وما عرف في هذا البحر
إلا هذه الحصيات التي قذف بها البحر وهذه الأصـداف التي رمى بها البحر على
ساحله أما بقية البحر فهو الكون الهائل الذي
لم يعلم الإنسان ما في
باطنه وما في أغواره أو يقول أحدهم في تشبيه أخر ماالإنسان أمام هذا الكـون
إلا كطفل صغير دخل في مكتبه واسعه فيها من الكتب والألوف المـؤلفة بلغات
مختلفة ومجلدات متعددة وماالذي عرفه هذا الطفل من هذه المكتبة إلا هذا
الكتاب الصغير الذي معه أخذ يتصفحه مجرد تصفح ولذلك ورد في صحيح البخاري
ومسلم وغيــرهما في قصة موسى عليه السلام مع الخضر عليه السلام
حينما
ركب في السفينة فجاء عصفور فوقع على حافة السفينة ثم نقر نقرة في البحر
وموسى والخضر عليه السلام ينظـران فقال الخضر لموسى : يا موسى أتدري ما
علمي وعلمك بالجـوار علم الله إلا كما نقر هذا العصفور من هذا البحر
..وتقرر أهل العلم كالنــووي رحمه الله أن هذا ما هو إلا من باب التقريب
وإلا فما مقـارنة بين مخلــوق وبين خالـق بين ضعيف وقــوي له القــوة
المطلقة وله السمع المطلق وله البصرالمطلـق وله الكـرم المطلق وله الجمـال
المطلق وله الأسماء الحسنى والصفات العلا وما هذا أيها الأحبـاب إلا جزء من
الحقيقة وإلا ففي الإنسان من العجائب وفي الكون من الغرائب التي تنــادي
كلها بوحدانية الله سبحانه وتعالى وفي كل شيء له أيةٌ ...تدل على أنه واحد
فو عجبـاً كيف يعصي الإله.......... أما كيف يجحده الجــاحد
قل الطبيب تخطفته يدى الردى ........يا أيسر الأمراض من أرداك
قل للمريض نجى وعوفي بعدما ........عجز فنون الطب من عافاك
قل الصحيــــح يمـــوت لا من علة……….بالمنايا يا صحيح دهاك
قل للبصير وقد كان يحذر حفـرة.......... فهوى بها من الذي أهواك
بل سائل الأعمى خطى بين الزحام ......بـلا اصدام مـن ذا يقود خطاك
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه فنسأله..... من ذا بالسمـوم حاشــاك
وأسأله كيف تعيش ياثــــــــــــــعبان.....أوتحيا وهذا السم يملى فــاك
وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت........... شهداً وقل للشهر من حلاك
بل سائل اللبن المصفر كان بين دم....... وفـرث من الذي صفــــــــاك
إنه
سبحانه وتعالى إن الإنسان لا يناسبــه إلا التواضــع ولا يصلح له إلا
التواضع إن الإنسان المسلم العاقل ما يناسبه أمام حق الله سبحانه وتعالى
مهما عمل هذا الإنسان من الأعمال الصالحة مهما قرأ مهماأنفق مهما بذل مهما
دعا لا يناسبه إلا أن يعترف بالتقصير بين يدي ربه سبحانه وتعالى لا يناسبه
إلا أن يصيـح بصيحة ذاك الشاعر معترفاً ادماً فيما فعلة بحق الرب سبحانه
وتعالى وبحق شرع
أنا العبد الذي كسب الذنوبا وصدته الأماني أن يــتوبــا
أنا العبد الذي أضحى حزيناً على زلاتـه قلـقاً كئـيـبــاً
أنا العبد الذي سطرت عليه صحائف لم يخف به الرقيبــا
أنا العبد المسئ عصيت سراً فما لي الآن لا أبدي النحيبــا
أنا العبد المفرط ضاع عمري فلم أرعى الشيب والمشيبــا
أنا العبد الغريق بلج بحراً أصبح لـربما ألقــى مجيبـا
أنا العبد السقيم من الخطايا وقد أقبـلت ألتـمس الطبيبـا
أنا العبد المخلف عن أُناسا حووا من كل معروف نصيبـا
أنا العبد الشريف ظلمت نفسي وقد وافيت مصابكـم منـيبـا
أنا العبد الفقير مددت كفي إليكم فأدفعوا عني الخطوبــا
أنا الغدار كم عاهدت عهداً وكنت على الوفاء به كذوبـا
أنا المقطوع فارحمني وصلني ويسر لي منك فرجاً قريبــاً
أنا المظطر أرجوا منك عفواً ومن يرجوا رضاك فلن يخيبا
فيا أسفي على عمر تقضى ولم أكسب به إلى الذنـوبـا
فيا من مد في كسب الخطايا خفاه أما آن لك أن تـتوبـا
وأقبل صادق في العزم وأقضي حباباً للمنــــيب له رحيبا
وكن صالحاً أخ وخلاً وكن في هذه الدنيـا غريبــا
وكن عن كل فاحشةٍ جباناً وكن في الخير مقدامـاً نجيبـا
ولا تطلق لسانك في كلامٍ يجـر عليك أحقـاباً وحوبــا
ولا يبرح لسانك كل وقت يـذكـر الله ريــاناً رطيـبـا
وصلي إذا الرحى أرخى سدولاً ولا تضجر به وتكون هيـوبـا
تجد أنسا إذا أودعـت قبراً وفارقت المعاشر والنســيــبا
وصم ما أ سـتطعت تجده رياناً إذا ما نمت ضمياناً سئيبا
وكن متصدقاً سراً وجهراً ولا تبخل فكن سمـحاً وهـوبا
تجد ما قدمت بدال ظــلاً إذا ماأشتـد بالنــاس كروبا
وكن حسن السجايا وذا حياءً طليق الوجه لا شكاءً غضوبـا
يا
أيها الأحباب : فهل يمكن للإنسان أن يستغني عن ربه سبحانه وتعالى يمكن
للإنسان أن يستغني عن فضل الله عن رحمته عن إعانته أيها الأحبــاب من في
الوجـود كله أحسن مثل إحسانه لنا من في الوجود كله أعاننا كإعانة الله من
في الوجود كله رحمنا كرحمة الله من في الوجود كله تفضل علينا كما تفضل
علينا الله سبحانه وتعـالى فلما تستغني عن ربك باستغناء ك عن شرعة فلا تصلي
ولا تزكي ولا تحج ولا تنفـق ولا تنهى عما نهى عنه وزجر هـل يمكن أن تستغني
عن الله لا يمكن لما تستغني عن الله سبحانه وتعالى فلا تتبع شرعه ولا تـذب
عنه ولا تتمثل به ولا تــدعوا إليه لا يمكن للإنسان على الإطلاقأنيستغني
عن ربه سبحانه وتعالى أخي أني سألك فأجب من هو الذي يجري دورتك الدموية في
قلبك من حين أنت أيها العاصي أنت أيها المقصـر أنتأيها الزاني أنت يــا
شارب الخمر أنت يـا سامعاً الأغاني أنت يا أكل الربا أنت ظالم لنفسك
وياظالم زوجك ويا ظالم إخـوانه أنت أيــها المعتقد اعتقاداً لا يرضاه الله
أنت أيـها المشكك في شرع الله ودينه أنت أيها المنفق أموالك في مسـاخط الله
مـن الذي يجري دورتك الدموية في قلبك أهي الدول أهي أمـوالك أهي الممالك
لا والله إنه ربك سبـحانه وتعالى من هو الذي يجري جهازك التنفس بنفسك وأنت
لا تشعــر من هو الذي يجـري جهازك العصبي هناك في الجسم جهاز دقيق يقال له
المخيـخ جــهاز وعضو في الجسم أودعه الرب سبحانه وتعالى المنعم الراحم
الرحيــم خلق رأسك لا يتجاوز هذا العضو في وزنه 145هذا وزنه أتدري ما فائدة
هذا الجهاز أنه ينسق جميع عمليات وحركاتك وخاصة الحركات السريعة الدقيقة
المتتالية هل نظر أحـدكم أيــها الأحباب إلى إنسان يكتب بسرعة ومهارة فائقة
على الإله الكاتبة كيف عرف أن هــذا المكان بكل دقة هو الحرف فلان وهذا
المكان بكل دقة هو الحرف الفلانيفيكتب لك في وقت قليل رسـالة كاملة تكاد
لاتـجد علية ملحظة من الذي عطاه هذه الدقة من الذي أعطاه هذه المهارة إلا
هذا الجهاز الصغير الذي أودعه الله سبــحانه وتعـالى أتدري ياأخي الكريم أن
جهاز المخيخ يحتوي على 30مليون مركز عصبي كما قرر ذلك أهل الإختصاص
30مليون مركز عصبي تعمل لتنسق حركاتي كلها وأنا لا أشعر إنها رحمة الله عز
وجل إنها منة الله إنها بر الله سبحانه وتعالى عليك هناك عضوآخر أودعه الله
سبحانه وتعالى في جسم الإنسان هذا العضو يعرف بالبنكرياس وهي غده تقوم
هــذه الغدة بإصدار على ما يزيد على عشر خمائر ها ضمة للمواد الغذائية التي
تــأكلها أنت لا تشعر إلا بعملية الأكل أنت لا تشعر إلا بتلذذك بالأكل لكن
لا تستحضر أحياناً لا تدري عن هذه العمليات الهائلة الدقيقة الرائعة التي
يعجز الخلق عنها والتي تكون في داخل جسدك تقوم بها البنكرياس عشرة خمائر
ضخمة تهضم لك هذه المواد ويتسائل الأطباء ليعرفوا عجزهم وإعجاز الرب سبحانه
وتعالى في خلقة فيقولون : مادام هذه المواد التي تصدرها البنكرياس تهضم
جميع الأطعمة التي أكلها إذاً لماذا لاتهضم هذه المواد غدة البنكرياس نفسها
فيقفون حائرين مع أن البنكرياس مكونه من نفس تكوين هذه الأغذية التي تضمها
هذه الخمائر ويقوون إنه إعجاز الله سبحـانه وتعــالى في الإنسان عضو معهم
يقال له الكبد إنه معــروف للجميــع بإسمه لا نعــرف أيها الأحبـــاب ما
العمليات الدقيقة الرائعة التي هي منت الله سبحانه وتعالى علينـا من خلال
هذه الكبد أن الكبد لتقوم بمجموع كبير من العمليات على رأسها أولاً :أنها
تخلص الجســم من السموم التي يمكن أن تسوي بالدورة الدموية هل لك دور في
تخليـص الجسم من هذه السموم لا أنه تيسير الله سبحـانه وتعالى والله العظيم
أقسم بخــالق السموات والأرض لو وكل الله عز وجل إلينا عمل الكبد لهلكنا
من ساعتنا لو وكل الله عزوجل إلينا عمل القلب لهلكنا من ساعتنا لو وكل الله
عز وجل إلينا عمل البنكرياس لهلكنا من ساعتنا إنا ضعفاء .لانستطيع لذلك
عرف النبي صلى الله عليه وسلم وعلم هذه الحقيقة فكان يدعو ربه سبحانه
وتعالى كما في مسند الأمـام أحمد ويقــول في دعاءه المشهور : لولا تكلني
إلى نفسي طرفة عين ولأقل من ذلك وتقوم عمل الكبد
أيها الأحباب بهضم جميع
أو العديد من المواد الغذائية كا لبروتينات والسكــريات بل وعوامل تخثر
الدم التي تحفظ الإنسان وتوقف الدم حينما يحصل له نزيف أتدرون أيها الأحباب
كم في الإنسان من خلية الإنسان مجموعة هائلة من الخلايا وكل خلية قائمة
بنفسها من هو الذي أحيا هذه الخلايا والتي حياتك بحياتها وحياتها بحياة
الله وقد قال الله سبحانه وتعالى في أعظم آيه بالقرآن ( الله لا إله إلا هو
الحي القيوم ) يقدر علماء الإختصاص أن في الإنسان ما يزيد على مائة خلية
تعمل في جسمك وأنت لا تشعر من هو الذي نظم هذه الخلية من هو خلق هذه الخلية
التي تعمل داخلك إنه الله سبحــانه وتعالى أنه الله الذي أنعم عليك إنه
الله الذي أعطاك ومنعت أن تقرب منك وفررت إلي غيره إنه الله الذي أعطاك
ومنعت أن تقدم شيء من أجله أنه الله الذي رزقك أنه الله الذي قال عنه نبيه
صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي ( أنا والإنس والجـن في نبأ عظيم أخلق
فيعبد غيري وأرزق ونشكر سوي خيري إليهم نازل وشرهم إلي صاعد أتحبب إليهم
بالنعم و يتبغضون إلي بالمعاصي وهم المحتاجون إلي )قطر الخلية الواحدة أيها
الأحباب في هذا العد الهائل مايزيد على مئة مليون خلية يقول أهل الإختصاص
أن قطر الخلية الواحدة ما بين خمسة إلى عشرين (ميكرون) ويقصد بالميكرون هو
الواحد على ألف جزء من الملي متر .. إذاً أيها الأحباب فلنتعرف على الله
أنه ربنا وخالقنــا لنتعرف على الله الذي لايمكن أن نستغني عنه أن سعادتنا
وشقاوتنا ليست بأيدي الناس إن سعادتنا وشقاوتنا ليست بأيدي ملوكنا ليست
بأيدي رؤساءنا ليست بأيدي أباء نــا وأمهاتنا بل ليست بأيدي أنفسنا إنا
سعادتنا وشقاوتنا بأيدي الله سبحانه وتعالى إذاً فمن العار ومن العيب
الشديد أن نصلح علاقتنا مع المخلوقين وننسى علاقتنا مع الله تعالى كم حزنا
على موعد أخلفنــاه مع أحد أصحابنا ولم نحزن ولو الشيىء اليسير ونحن نخلف
موعدنا كل يوم من خلال صلاة الفجر مع ربنا سبحانه وتعــالى .. كم فرحنا
وتلذذنا بلقاءنا مع أصحابنا برؤيتنا ومشاهداتنا للمسلسلات والمباريات مالا
نتلذذة ولونصفه ولا ربعه ونحن نقف أمام الله سبحانه وتعالى في الصلاة أيها
الأحباب إن أشرف علم على الإطلاق هو العلم بالله سبحانه وتعالى وأسماءه
وصفاته فلم يفقه ويعــرف ويعلم معنى اسم الله الغفار ومعنى اسم الله الغافر
ومعنى اسم الغفور من أذنب ويـأس من رحمة الله .. لم يفقه ويعرف اسم الله
المؤمن من يشك بنصرة الله سبحانه وتعالى لأولياءه أويداخله ريباً بأن هذا
الإسلام فننصر منصراً والعاقبة للمتقين لم يفقه معنـى اسم الله الشهيد من
جعل سبحانه وتعالى أهون الناظرين إليه فستخفى من الناس ولم يستخفي من الله
وهو معه ولم يفقه معنى اسم الله سبحانه وتعالى الصمد ممن ذهـب أو من إنسان
بعيد عنه والله العظيم أقسم بالله لاأستثني لو فقه الناس فمعنى اسـم الله
الصمد لما رأيتم في العالم الإسلامي كله من يطوف حول القبور وقد رأيت
ورأيتم ....لو فقه الناس معنى اسم الله الصمد لما ذهب الناس إلى قبر
الأنبياء والصالحين وغيرهم يطلبون منهم العون لكن ما فقهنا كثيراً من معاني
أسماء الله الحسنى فنحن نــعرف أشياء كثيرةً أيها الأحباب لكنا مقصودنا في
معرفة شيئين اثنين في معرفة نفسك وفي معرفة ربك سبحانه وتعالى ومهما عرفت
عن نفسك إنما هو جزء من الحقيقة ومــا عرفت عن ربك مهما عرفت إنما هو جزء
من الحقيقة لا تدركه الأبصار وهو يـدرك الأربصار وهو اللطيف الخبير ..فلا
يناسبالمخلوق وهو يناجي ربه سبحانه وتعالى إلا أن يقــول :

صرفت إلى رب الأنام مطابي ووجهت وجهي نحوه ومآبي
إلى الملك الأعلى الذي ليس فوقه ملك يرجى نبيه في المتاعب
إلى الصمد البر الذي فاض جوده وعم الورى بخير المـواهب
مقيلي إذا زلت النعل عاثرا ًوأسمع غفاراً وأكرم واهبـي
فما زال يوليني الجميل تلطفاً ويدفع عني في صدور النوائبِ
ويرزقني طفلاً وكهلاً وقبلهما جنين ويحميني وبي المكاسب
إذا أغلق الأملاك دون حصورهم وذهنه عن عينانهم زجر حاجبي
فزعت إلى باب المهيمن طارقاً مدلاً أنادي باسمه غير أبهمــى
فلم ألفع حجاباً ولم أخشى منعةً ولو كان سؤلي فوق هامي الكواكب
كريماً يلبي عبده كلما دعا نهاراً وفي الليل الدجــى الغيــاهبي
سأسأله ماشئت إن يمنه تسح دفــاعاً بلدو الــرغائب
فحسبي ربي في الهزائز ملتجأً وحرزاً إذا حنفت سهام النـوائب
أسأل
الله سبحانه وتعالى من فضله العظيم وأحمده وأثني عليه الثناء الذي يليق
بجلاله وعظيم سلطانه الحمد لله رب العالمين الحمد لله الذي خلق الخلق
فأحصاهم عدداً, الحمد لله الذي قسم الأرزاق فلم ينسى أحداً الحمد لله الذي
لم يتخذ صاحبةً ولا ولدا الحمد لله على سمعه الحمد لله على بصره الحمد لله
على علمه الحمد لله على حلمه الحمد لله على رحمته الحمد لله على مقدرته
الحمد لله على أسماءه الحمد لله على أوصافه الحمد لله على أفعاله الحمد لله
حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه الحمد حمداً يليق بجلاله وعظيم سلطانه
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين