الاستقامة  في مائة حديث نبوي 5 Ezlb9t10
الاستقامة  في مائة حديث نبوي 5 Ezlb9t10





 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
اشترك في القائمة البريدية ليصلك جديدنا :
آخر المواضيع
date2014-05-25, 2:29 pm
member
date2014-05-25, 12:55 pm
member
date2014-03-19, 10:44 pm
member
date2014-03-03, 10:03 pm
member
date2013-11-09, 10:39 pm
member
date2013-10-04, 4:33 pm
member
date2013-09-30, 6:49 am
member
date2013-09-21, 9:34 pm
member
date2013-09-21, 9:29 pm
member
date2013-09-21, 9:28 pm
member

الاستقامة في مائة حديث نبوي 5

Admin
مؤسس المنتدى
Admin

السٌّمعَة : 0
ذكر
نقاط : 22423
الاستقامة  في مائة حديث نبوي 5 Empty
http://omaarab.7olm.org
الاستقامة  في مائة حديث نبوي 5 Clock13 2012-02-10, 6:37 pm

إن العلاج الناجع للتكبر هو بمخالفة سببه عمليا ، فإذا وجد المرء داعيا للتكبر بسبب المال ، عليه أن يعالجه بمخالطة الفقراء والتواضع لهم ومنحهم الصدقات دون منّ أو شعور بأن له فضلا عليهم . وإن كان تكبره بسبب العلم والذكاء والعقل فعليه التواضع لمن يمكن أن يتعلم منه شيئا جديدا . ركب زيد بن ثابت فدنا منه ابن عباس ليأخذ بركاب فرسه ، فقال مهٍ! يا بن عم رسول الله فقال هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا . فأخذ زيد بن ثابت يد ابن عباس فقبَّلها وقال هكذا أُمرنا أن نفعل بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وقال عروة بن الزبير رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على عاتقه قربة ماء ، فقلت يا أمير المؤمنين لا ينبغي هذا ، فقال لما أتاني الوفود سامعين مطيعين دخلت في نفسي نخوة فأحببت أن أكسرها ، ومضى بالقربة إلى حجرة إمرأة من الأنصار فأفرغها في إنائها . ورؤي أبو هريرة رضي الله عنه وهو أمير المدينة وعلى ظهره حزمة حطب وهو يقول طَرِّقوا (اي إفسحوا الطريق) للأمير. وقال ابن عباس من التواضع أن يشرب الرجل من سؤر أخيه.
سئل الفضيل بن عياض عن التواضع فقال أن تخضع للحق وتنقاد له وتقبله ممن قاله. وكان يقول قراء الرحمن أصحاب خشوع وتواضع وقراء الدنيا أصحاب عجب وتكبر. تشاجر أبو ذر وبلال رضي الله عنهما فقال أبو ذر لبلال يا إبن السوداء ، فشكاه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال له: ” أعيَّرتَهُ بأمهِ إنَّكَ امرؤ فيكَ جاهلية” ، فألقى أبو ذر نفسه على الأرض وحلف أن لا يرفع رأسه حتى يطأ بلال خده بقدمه فلم يرفع رأسه حتى فعل بلال ذلك(31).ـ
ـ 71 ـ ترك مالا يعني
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” مِن حُسنِ إسلامِ المَرء تَركُهُ ما لا يَعنيهِ ”
(رواه الترمذي وابن ماجه)
إن الله تعالى قد خلق الخلائق مختلفين ، فما يصلح لبعض من أمور حياتهم لا يصلح للبعض الآخر. لذلك على المرء أن يهتم بإمور نفسه ولا يتتبع ما لا يعنيه ، ولا يسأل عن ذلك ، قال تعالى: ” يا أيُّها الّذين آمَنوا لاتَسألوا عَن أشياء إن تَبدَ لَكُم تَسُؤكُم ” (32)، كما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالإستعانة على قضاء الحوائج الشخصية بالكتمان ، وهذا يبعد الناس عن النظر بعضهم إلى بعض وحسد بعضهم بعضا وتدخل البعض في شؤون بعض بما يؤدي إلى الخلاف والبغضاء والأحقاد. وفي هذا يقول الله تعالى: ” ياأيّها الّذينَ آمَنوا عَليكُم أنفُسَكُم لا يَضُّرُكُم مَن ضلّ إذا اهتديتُم ” (33) ، وهو موضوع عدم التدخل في شؤون الآخرين التي لا تستطيع لها تغييرا وليس في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي تستطيع تغييره بالحكمة والموعظة الحسنة . ولهذا يجب عدم الإعتراض والعيب على الناس ، فكل إنسان قد يسره الله تعالى لما خُلق له ، ومن أعاب شخصا على خُلق فيه ليس من إرادته إبتلاه الله بمثله ، فإن العقوبة تكون من جنس العمل.
نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كثرة السؤال ، وقد مقت الله بني إسرائيل وشدد عليهم بكثرة أسئلتهم لأنبيائهم ، ثم بعد ذلك عدم إطاعة أوامرهم . فالمؤمن لا يعترض على أحكام الله تعالى وما ينزل من مصائب ومحن بل يقبلها ، لكنه لا يرضى بالمعاصي والآثام ، فيقاومها ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، لكنه لا يتدخل فيما لا يعنيه ، وفي شؤون غيره ، فيصرف كل جهده على نفسه فيصلح حالها . فما الذي ينفعه إن نجى الناس كلهم وهلك هو؟ إن على المؤمن أن يهتم بأمر نفسه ، حتى إنه ليعتبرأن دعوته ومساعدته لغيره هي أمر يخص نفسه لأن في ذلك امتثالها لأمر الله تعالى . أما ما وراء النصح والإرشاد والمساعدة من تدخل في أمور الآخرين ، فإن المؤمن يمسك عن ذلك لأنه لا يحب أن يتدخل الآخرون في شؤونه فكذلك هو يحب لهم ما يحب لنفسه.
ـ 72 ـ غض البصر
عن جرير(34) رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نظر الفجأة فقال:
” إصرِف بَصَرَكَ ”
(رواه مسلم)
قال الله تعالى: ” قُل للمُؤمِنينَ يَغُضّوا مِن أبصارِهِم ويَحفَظوا فُروجَهُم ، ذلك أزكى لَهُم إنّ اللّهَ خَبير بِما يَصنَعون . وَقُل لِلمُؤمِنات يَغضُضن مِن أبصارِهِنّ ويَحفَظنَ فُروجَهُنَ ولايبدين زينَتَهُنّ إلاّ ما ظَهَرَ منها ، وليضرِبنَ بِخُمُرِهِنّ على جُيوبهنّ ” ـ(35) ، فالمجتمع الإسلامي مجتمع نظيف ، ليس فيه خيانة لا في العيون ولا في الصدور. وأول حارس لذلك هو غض البصر. ومن غض بصره وهبه الله تعالى إيمانا يجد حلاوته في قلبه. فمن أراد أن يستمتع بمثل هذه الحلاوة فليغض من بصره تنفيذا لأمر الله. ولا عبرة بمن يقول بأنه يملك السيطرة على نفسه فليس بحاجة إلى غض البصر ، فلو كان ذلك صحيحا لأُحِلّ ذلك لخير البشر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
يتبين من الحديث أن النظرة الأولى التي تأتي عن غير قصد معفوٌ عنها . أما النظرة الثانية أو استدامة الأولى فهي محاسب عليها ، وسواء في ذلك الرجال والنساء.
فالنظرة سهم من سهام إبليس ، من تركها وهبه الله تعالى إيمانا يجد حلاوته في قلبه. إن المجتمع الإسلامي يحفظ أعضاءه رجالا ونساء من الإنزلاق في الفواحش ، وما فَرْضُ الحجاب والأمر بغض البصر سوى وسائل وقائية لإبقاء المجتمع نظيفا من أي سوء أو خيانة أو فاحشة ، حفاظا على كيان الأسرة وقيام المجتمع على فضائل الأخلاق والإبتعاد عن سفاسفها.

ـ 73 ـ السخاء
عن أبي أمامة صُدي بن عجلان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
ـ” يا ابن آدم إن تَبذِل الفَضلَ خير لَكَ ، وإن تُمسِكهُ شَرّ لَكَ ، ولا تُلامُ على كَفاف ، وابدأ بِمَن تَعولُ ، واليَدُ العُليا خير مِنَ اليَدِ السُفلى ” ـ
(رواه مسلم)
السخاء من أفضل الصفات . والسخي قريب من الله لإمتثاله لما يحبه الله ، وقريب من الناس لبذله أمواله لهم ، والبخيل قريب من النار لمنعه ما يأمره الله به. فإذا دفع البخل الرجل إلى منع الزكاة المفروضة دخل النار بذلك.
لقي رجل من أهل منبج رجلا من أهل المدينة فقال له ممن الرجل؟ قال من أهل المدينة ، فقال لقد أتانا منكم رجل يقال له الحكم بن المطلب فأغنانا ، فقال المدني فكيف وما أتاكم إلاّ بجبة صوف؟ فقال ما أغنانا بماله ولكنه علّمنا الكرم فعاد بعضنا على بعض حتى استغنينا . ومرض قيس بن سعد بن عبادة(36) ، فاستبطأ إخوانه فسأل عنهم ، فقيل يستحيون مما لك عليهم من دين ، فقال أخزى الله تعالى مالاً يمنع الإخوان من الزيارة ، ثم أمر من ينادي من كان لقيس عليه دين فهو منه في حل ، فكسرت عتبة داره بالعشي لكثرة من عاده. وسألت إمرأة الليث بن سعد سكرجة عسل ، فأمر لها بزق من عسل ، فقيل له في ذلك!! فقال إنها سألت على قدر حاجتها ونحن نعطيها على قدر نعمنا.
يقرر هذا الحديث نفي اللّوم عن المرء الذي يبذل ماله بحيث كلما رزقه الله شيئا بذله فتكون عيشته كفافا ، فإن أفضل الصدقة أن ينفق المرء وهو في عيشة متوسطة يخشى الفقر ويرجو الغنى ، وأول الناس الذين عليه أن يبدأ بهم هم أهل بيته الذين عليه إعالتهم شرعا . أما أخذ الصدقات لمن هو ليس بحاجة إليها فمذموم لأن اليد التي تدفع الصدقة خير من التي تأخذها . وعلى من يدفع أن يشعر بالمنة لمن أخذ منه لأنه لولا وجود ذلك المحتاج وأمثاله لما إستطاع أن ينفذ واجبا فرضه الله عليه ألا وهو الزكاة.
ـ 74 ـ رحمة العباد
عن جرير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” إِرحَم مَن في الأرض ، يرحَمكَ مَن في السَماء ” .
(رواه الطبراني والحاكم)
الرحمة من صفات الرحمن الرحيم وهو يريد أن يتصف بها عباده بعضهم نحو بعض. وقد خلق الله بين الناس وشائج تراحم طبيعية كرحمة الأم لولدها ، فمن رحم غيره إستحق رحمة الله تعالى ، وفي رحمة الإنسان لأخيه الإنسان سواء كان على دينه أم لا وفي رحمة الإنسان للحيوان ، في كل ذلك أجر عظيم . وفي زوال التراحم بشير بغضب الله تعالى فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن إمرأة دخلت النار في هرة حبستها ، لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض(37).ـ
إن الرحمة تتجلى في كل شيء: في ملاطفة الوالد لولده ، وفي إحسانه لأهل بيته ، وفي معاملته مع الناس ، وفي معاملته لعدوه قبل صديقه ، وفي معاملته للبهائم ، وفي تعامله حتى مع الجماد ، فالله تعالى أمر بعدم الإسراف في كل شيء ، وأمر بالمشي على الأرض هونا وما هذا وذاك إلاّ دليل على سعة رحمته التي وسعت كلّ شيء(38). حتى أن قتل الكافر أثناء المعركة تتجلى فيه الرحمة فهي تخليص له من اكتساب المزيد من الآثام وتخليص لغيره من شره ، وطريقة القتل يجب أن تظهر فيها الرحمة ، فالقتل بالحرق محرم وتعذيب ابن آدم حرام أيّا كان ، ” فَبِما رَحمَة مِنَ اللّهِ لِنتَ لَهُم ولو كُنتَ فَظّا غليظَ القَلبِ لانفَضّوا مِن حولِك ، فاعفُ عَنهُم واستَغفِر لَهُم ” (39) ، وبتراحم المؤمنين فيما بينهم تتوثق الوشائج بينهم ، فيحب بعضهم بعضا وتجتمع كلمتهم.
إن المؤمن رحيم لغيره من الناس وحتى للحيوانات أيضا . ففي تلك الرحمة أجر كبير. وقد قص علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قصة رجل يمشي بطريق فاشتد عليه العطش ، فوجد بئرا فنزل فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي ، فنزل البئر فملأ خفِّه ثم أمسكه بفيه فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له ، قالوا يارسول الله وإن لنا في البهائم أجرا ، فقال: "نعم ، في كل ذات كبِد رطبة أجر"(40) ، وحين رأى عمر بن الخطاب عجوزا يهوديا يسأل الناس ، رحم له كبر سنه قائلا: ما أنصفناك ، أخذنا الجزية منك في شبابك وتركناك في كبرك ، ثم فرض له ما يكفيه من بيت المال.
ـ 75 ـ ترك الجدل
عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
” ما ضَّلّ قوم بَعدَ هُدًى كانوا عَليهِ إلاّ أوتوا الجَدالَ ”
(رواه الترمذي وأحمد وإبن ماجه والحاكم)
قال الله تعالى: ” وَمِنَ النّاسِ مَن يُعجِبُكَ قولُهُ في الحياةِ الدُنيا ويُشهِدُ اللّهَ عَلى ما في قَلبِهِ وهُوَ ألَدّ الخِصامِ ” (41) ، فالجدال يتضمن عادة حب ظهور المجادل على خصمه ، وتشفِّيه بخذلانه أو حسده إن حدث العكس ، وبغضه أو عدم قبول الحق الذي قاله عنادا وتكبرا . وقد يلجأ المخاصم إلى الكذب أوإخفاء الحق والسب والشتم وتعيير الخصم أو غيبته وكرهه بغير حق. وهكذا فالجدل مثير لكل هذه الآفات النفسية التي لا تليق بالمؤمن . وهناك بعض الناس من جُبِل على حب الجدل ، وهذه غريزة مذمومة وعليه مقاومة دوافعها ومعالجتها بكبح جماح النفس ومنعها من الإستمرار بالجدل حتى ولو كان على يقين بأنه على الحق وخصمه على الباطل فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” أنا زعيمٌ ببيت في رَبَض الجَنَّة لِمَن تَرَكَ المِراءَ وإن كانَ مُحِقّا ، وببيت في وسَطِ الجَنّةِ لِمَن تَرَكَ الكَذِبَ وإن كانَ مازِحا ” (42). والملاحظ أن دوافع الجدال والأخذ والرد تزداد إذا حضر الجدال أو سمعه شخص أو أشخاص آخرون لأنه عند ذلك يكون العجب بالنفس وحب الظهور على أشده. وهكذا يتصيد الشيطان فرائسه في ساعات الغفلة فيغويهم ويقودهم إلى الإختلاف والشقاق بعد أن كانوا على هدى وإجتماع. ” ولا تَكونوا كالّذينَ تَفَرَّقوا واختَلَفوا مِن بَعدِ ما جاءَهُم البيِّنات وأولئِكَ لَهُم عَذاب عَظيم ” (43).ـ
أما المناقشة الهادئة في سبيل نشر الحق والوصول إليه فقد قال الله تعالى فيها: ” وجادِلهُم بالّتي هيَ أحسَن ” (44) ، وعند ذلك تكون تلك المجادلة مطلوبة لأنها وسيلة من وسائل الدعوة شرط خلوها عن نوازع النفس الشريرة وإخلاص النية فيها لله تعالى . والدعوة ليست جدلا محضا بل هي فعل وإمتثال لأوامر الله تعالى وتطبيق ذلك على النفس أولا ، ثم إيضاح ذلك للناس بالجدال بالتي هي أحسن ، والناس يقتنعون بالفعل والقدوة الحسنة ما لا يقتنعون بحسن الكلام وقوة الحجة.

ـ1ـ أبو حامد أحمد بن خضرويه البلخي من كبار مشايخ خراسان ، صحب أبا تراب النخشبي ، توفي سنة .24هـ وقد بلغ 95 سنة ، وكان عليه دين عند وفاته وقد حضر غرماؤه ، فنظر إليهم وقال اللهم إنك جعلت الرهون وثيقة لأرباب الأموال وأنت تأخذ عنهم وثيقتهم ، فأدّ عني ، فطرق الباب طارق وقال أين غرماء أحمد ، فأدّى عنه ، ثم توفي رحمه الله.
ـ2ـ سورة التوبة الآية 119.
ـ3ـ الحديث سبق ذكره برقم ـ56ـ في الباب الرابع.
ـ4ـ السيرة النبوية ، لأبن هشام.
ـ5ـ محمد بن عثمان الرضواني ولد بالموصل عام 1269هـ وأخذ العلم عن علمائها ، إشتهر بالعلم الغزير والتقوى والصلاح ، وتخرج على يده أكابر علماء الموصل ، توفي رحمه الله عام 1357هـ.
ـ6ـ أخرجه أبو نعيم والطبراني عن عائشة ، وفي رواية أخرى أخرجها أحمد. والترمذي والحاكم والبيهقي عن ابن مسعود ، ورد فيها: وليذكر الموت والبلى.
ـ7ـ سورة المؤمنون الآية 60.
ـ8ـ راجع الهامشين 74 و 75 من الباب الأول.
ـ9ـ سورة ق الآية 18.
ـ10ـ متفق عليه من حديث أبي هريرة.
ـ11ـ رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد وابن حبان والحاكم عن بلال بن الحرث.
ـ12ـ سورة القلم الآية 4.
ـ13ـ متفق عليه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
ـ14ـ متفق عليه عن أنس رضي الله عنه.
ـ15ـ أخرجه مسلم من حديث علي رضي الله عنه.
ـ16ـ سورة آل عمران الآية 134.
ـ17ـ سورة الشورى الآية 37.
ـ18ـ رواه أبو داود من حديث عطية السعدي.
ـ19ـ سورة الأعراف الآية 199.
ـ20ـ سورة البقرة الآية 237.
ـ21ـ سورة الشورى الآية 40.
ـ22ـ متفق عليه من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
ـ23ـ سورة النور الآية 22.
ـ24ـ متفق عليه عن عائشة رضي الله عنها.
ـ25ـ رواه مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
ـ26ـ سورة الفرقان الآية 63.
ـ27ـ هو قتادة بن دعامة السدوسي كان أكمه ضريرا ، وكان عالما بالحديث والعربية والأنساب والتأريخ والتفسير ، قال عنه الإمام أحمد أحفظ أهل البصرة ، مات بواسط بالطاعون عام 118هـ عن 57 سنة.
ـ28ـ محمد بن مقاتل الرازي من تابعي التابعين كان يحدث عن وكيع.
ـ29ـ سورة الأعراف الآية 146.
ـ30ـ أبو جهل عمرو بن هشام زعيم الكفار وفرعون هذه الأمة ، كان أشد الناس عداوة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قتل في معركة بدر.
ـ31ـ متفق عليه.
ـ32ـ سورة المائدة الآية 101.
ـ33ـ سورة المائدة الآية 105.
ـ34ـ جرير بن عبد الله بن مالك . إختُلف في وقت إسلامه ، كان قائد بجيلة في فتح العراق ، وكان له أثر عظيم في معركة القادسية ، كان يقول ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلاّ تبسم . كان صبيح الوجه لذا كان عمر يكنيه يوسف هذه الأمة ، توفي عام 51هـ.
ـ35ـ سورة النور الآيتان30 و 31.
ـ36ـ قيس بن سعد بن عبادة ، كان أبوه وجده سادة الخزرج. شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان معه بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير كما روى ذلك الإمام البخاري عن أنس بن مالك . قلده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لواء الأنصار بعد أن أخذه من أبيه في فتح مكة بعد أن كاد أبوه أن يحدث مشكلة كبيرة بإنشاده: اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة . عُيّن قيس واليا على مصر من قبل علي بن أبي طالب . توفي في آخر خلافة معاوية في المدينة.
ـ37ـ حديث: "دخلت إمرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت" رواه البخاري عن إبن عمر وأحمد والبيهقي وابن ماجه عن أبي هريرة.
ـ38ـ قال تعالى في سورة الأعراف الآية 156: ” وَرَحمَتي وَسِعَت كُلّ شيء ” .
ـ39ـ سورة آل عمران الآية 159.
ـ40ـ رواه الشيخان.
ـ41ـ سورة البقرة الآية 204.
ـ42ـ رواه الترمذي وإبن ماجه عن أنس رضي الله عنه.
ـ43ـ سورة آل عمران الآية 105.
ـ44ـ سورة النحل الآية 125.



الباب السادس الإستقامة في المعاملة

ـ 76 ـ أحب للناس ما تحب لنفسك
عن يزيد بن أسيد (1) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” أحبّ للنّاسِ ما تُحِبّ لِنَفسِكَ ”
(رواه البخاري في التأريخ والطبراني والحاكم والبيهقي)
إذا كان مقياس المرء في تعامله مع غيره أن يحب لهم ما يحب لنفسه ، أنمحى الشقاق الذي دوافعه الأنانية وحلت محله المحبة والتعاون والتآلف. هل يريد أن يُطَفَفَ له المكيال؟ فلا يفعل ذلك مع غيره. هل يحب أن يهينه أحد على ملأ من الناس؟ فلا يفعل ذلك مع غيره. هل يحب أن يساعده الناس عند حاجته لهم من مرض أو فقر؟ كذلك يفعل مع غيره. وهكذا تكون أسس الحياة السعيدة له ولغيره. أما من تغلبت عليه أنانيته فهو يرى العالم يعيش في غابة ما يتوفر فيها أقل من حاجة من فيها لذلك فيكون منهجه: قد أفلح من غلب . هذا هو التناقض الواضح في المنهج بين المؤمن الصادق وعبد الدنيا.
والإيثار أعلى درجة من ذلك حين يؤثر المؤمن أخاه على نفسه ، قال الله تعالى في مدح الأنصار: ” يحبّونَ مَن هاجَر إليهم ولايَجِدونَ في صُدورِهِم حاجَة مِمّا أوتوا ويؤثِرونَ عَلى أنفُسِهِم وَلو كانَ بِهِم خصاصة ، ومَن يوقَ شُحَ نَفسِهِ فأولئكَ هُمُ المُفلِحون ” (2). ـ
إن للمؤمن على المؤمن حقوق وعليه أداؤها . فبالإضافة إلى الحقوق التي تبرز عند الحاجة كتشييع الجنائز والصلاة عليها وعيادة المريض وغير ذلك ، فإن هناك حقوقا دائمة كاحترام النفس والعرض والمال . أما الحقوق المخصوصة بناس معينين: فحق العالم الإجلال والإحترام ، وحق الجاهل التعليم ، وحق الصديق النصح والتسديد ، وحق الأمير الطاعة في غير معصية الله ، وحق الولد الإعالة والتربية ، وحق الزوجين الإحسان بعض لبعض ، وحق الكبير على الصغير الإحترام ، وحق الصغير على الكبير العطف ، وحق الفقير على الغني الصدقة والإقراض... وهكذا . ، وهذه كلها يجب أن يقصدها دون مقابل أو توقع لجزاء منهم . وهو يفرح لفرح أخيه ويحزن لحزنه ، قال ذو النون المصري : من أعلام الأيمان إغتمام القلب بمصائب المسلمين ، وبذل النصح لهم متجرعا ظنونهم ، وإرشادهم إلى مصالحهم وإن جهّلوه وكرهوه.
ـ 77 ـ الحب في الله
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” يَقولُ اللّه تعالى يومَ القِيامةِ: أينَ المُتَحابّونَ بِجلالي... اليومَ أُظللُّهُم في ظلّي يومَ لا ظِلّ إلاّ ظلّي ”
(رواه مسلم وأحمد)
وصف الله تعالى المؤمنين بعضهم نحو بعض: ” أذِلَّة على المؤمِنينَ أعِزَة على الكافرينَ ” (3) ، ووصف أحوالهم قبل الأيمان وبعده: ” كُنتم أِعداءا فأصبحتُم بِنِعمتِهِ إخوانا ” (4) ، ومقياس هذه الأخوة هو المحبة بين أعضاء الجسد الواحد فذلك دليل قوة الأمة وتمسكها بما فرض الله عليها . قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أحب لله وأبغض لله وعادِ في الله ووالِ في الله فإنه لن تنال ولاية الله إلاّ بذلك ولا يجد رجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك.
إذا أحببت امرؤا ما في الله فأخبره أنك تحبه ، ذلك ما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(5) وإذا أخبرك شخص أنه يحبك في الله فيستحب أن تجيبه: أحبك الذي أحببتنا من أجله. وادع لمن تحب من إخوانك المؤمنين بظهر الغيب ، فدعاء الأخ لأخيه بظهر الغيب مستجاب فالملائكة تجيب الداعي: ولك مثل ذلك(6). وإفشاء السلام على من عرفت ومن لم تعرف وسيلة لزيادة تحابب المسلمين بعضهم مع بعض(7).ـ
إن مجالسة من تحب من الصالحين ، إن كان مجلس نصيحة وتواص بالحق فهو مجلس عبادة ، وزيارة الأخ لأخيه دون أن يكون بينهما مصلحة دنيوية عبادة ، فالمؤمن مرآة أخيه يرى فيها نفسه لأن المؤمنين بعضهم لبعض نَصَحَة والمنافقين بعضهم لبعض غششة(8). وهذا ما سيتأكد في الحديث اللاحق.
رأى أحد العارفين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام فقال له لم تبغض فلانا (عن رجل معين) فقال لأنه يبغض أحد الرجال الصالحين ، وسماه له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا تعلم أنه يحب الله ورسوله؟ قال نعم ، قال أتبغضه لأنه يبغض فلانا ولا تحبه لأنه يحب الله ورسوله؟ فلما أخبر الرجل بعد يقظته ندم على ما كان من بغضه للرجل الصالح. فالمؤمن يحب المؤمنين وينظر إلى محاسنهم ويتغاضى عن مساوئهم ويعطي لحبهم لله ولرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وزنا كبيرا ، فإنه ما من مسلم إلاّ وفيه خلق يحبه غيره وخلق يكرهونه ، فعلى المؤمن أن ينظر لما يحب من أخلاق إخوانه ويتغاضى عما يكره منهم.
ـ 78 ـ النصيحة
عن تميم الداري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” الدّينُ النَصيحةُ ” قيل لمن يا رسول الله قال: ” للّهِ ولِرَسولِهِ ولأئمةِ المُسلمين ولعامّتِهِم ” .
(رواه مسلم)
قال الله تعالى : ” وذَكِّر فَإنّ الذِكرى تَنفَعُ المُؤمِنينَ ” (9) ، قال عمر بن الخطاب: لا خير في قوم ليسوا بناصحين ولا خير في قوم لا يحبون الناصحين . وقال الحارث المحاسبي: إعلم أن من نصحك فقد أحبك ومن داهنك فقد غشك ومن لم يقبل نصيحتك فليس بأخ لك . ومن تصدى لنصح أحد فليكن أولا قد إتصف هو بالخلق الذي ينصح الناس به وليكن نصحه برفق وتلطف دون تشهير. قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: إذا نصحت فانصح سرا لا جهرا ، فإذا نصحت أخاك سرا فقد نصحته وزِنته (من الزين) ، وإن نصحته أمام ملأ فقد نصحته وشنته (من الشين).ـ
وقد يكون النصح بالتعريض والتلميح أبلغ أحيانا من التصريح ، خاصة لمن يفوقك في السلطان أو يكبرك بالسن . مر الحسن والحسين رضي الله عنهما وهما صغيران بشيخ لا يحسن الوضوء ، فأرادا أن يعلماه الوضوء فتقدم منه أحدهما وقال: إختصمنا أنا وأخي هذا في أينا أحسن وضوءا ونريد أن تكون بيننا حكما ، فلما توضآ أمامه عرف خطأه فشكر لهما صنيعهما . وإذا عرفت من شخص عنادا بأن يفعل عكس ما تنصحه به فعليك أن ترفق به وتنصحه بعكس ما تراه لكي يصيب الحق في مخالفته لك . وذلك هو أحد الأسس التي عرفت حديثا في تعليم الكبار. فالغاية من النصح تقويم الإعوجاج وليس العجب بالنفس والتباهي بأنك أفضل ممن تنصحه أو أعلم منه.
والنصح لله هو أن تأمر بما يأمر الله وتنفذ أوامره في خاصة نفسك ، والنصح لرسوله أن تبلغ ما أمر به أمته مما أوتيت من علم وتكون أمينا في الدفاع عن سنته. والنصح لأئمة المسلمين بإرشادهم لما فيه خير الناس ومساعدتهم في تنفيذ ذلك والدعاء لهم . قال عبد الله بن المبارك لو علمت أن لي دعوة مستجابة واحدة لجعلتها لأئمة المسلمين لأن بصلاحهم يصلح ناس كثير وبفسادهم يهلك ناس كثير.أما النصح لعامة المسلمين فيجب البدء بالأقرب فالأقرب . وقد وصف الله تعالى الإنسان بالخسران إلا الذين يتواصون بالحق وبالصبر: ” إن الإنسانَ لَفي خُسر. إلاّ الّذينَ آمَنوا وعمِلوا الصالحاتِ وتواصوا بالحقّ وتواصوا بالصَبرِ ” (10).ـ
ـ 79 ـ إدخال السرور على المسلمين
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” مَن لَقيَ أخاهُ المُسلِمَ بِما يُحِبّ لِيَسُرَّهُ بِذلك ، سَرّهُ اللّهُ عزّ وجَلّ يومَ القِيامةِ”
(رواه الطبراني بإسناد حسن وأبو الشيخ)
الأساس القويم لبناء المجتمع المتماسك هو المحبة بين أفراد ذلك المجتمع وأن يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه ، فالمسلم يحب السرور لنفسه لذلك فهو يحب السرور لأخيه ، ويحب أن يكون هو المتسبب في إدخال السرور على نفس أخيه ، والله تعالى يجازي على ذلك بسرور أعظم يوم القيامة.
إن إدخال السرور على نفس المسلم يمكن أن يتم بقضاء حوائجه ، أو بالرفق في مخاطبته أو بتخفيف آلامه ومصائبه عند شدائده أو بتعليمه ما ينفعه أو ما ينفع من يحبه كولده أو قريبه.فالسعي في قضاء حوائج المسلمين عبادة.
ـ 80 ـ العدل
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” إنّ المُقسِطينَ عند اللّهِ على مَنابِر مِن نور ، الّذينَ يَعدِلونَ في حُكمِهِم وأهليهم وماوُلّوا ”
(رواه مسلم)
قال الله تعالى: ” ولا يَجرِمَنَّكُم شَنآنُ قوم على ألاّ تَعدِلوا ، إعدِلوا هُوَ أقرَبُ لِلتَقوى” (11) ، أي لا يحملكم بغضكم لقوم على أن تظلموهم فإن العدل أحق أن يتبع حتى مع الأعداء. ” إنّ اللّهَ يأمُرُ بالعَدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذي القُربى وينهى عَن الفَحشاء والمُنكر والبَغي ” (12). وقد نادى الله عبده داود عليه السلام: ” يا داودُ إنّا جَعَلناكَ خليفَة في الأرضِ فاحكُم بينَ النّاسِ بالحَقّ ولا تَتَّبِعِ الهوى فيُضِلّك عن سَبيلِ اللّهِ ” (13).ـ
في هذا الحديث تبيان أن العدل لا يكون في الحكم فقط ، بل العدل في كل من ولي شيئا . فالوالد عليه العدل بين أولاده ، ومن تزوج بأكثر من إمرأة عليه العدل بينهن ، ومن حمل مسؤولية عليه العدل بين من يشملهم عمله من رئاسة أو مراجعة أو تكليف بواجبات إلى غير ذلك . كما أن عليه أن يعدل بين حق نفسه وحق غيره فلا يؤثر نفسه على غيره دون حق ولا يتبع الهوى فيفضل أقرباءَه على غيرهم أو يغمط حق من يكرهه. أتى رجل إلى عمر بن الخطاب فقال له: إني أبغضك ، فقال له عمر أتغمطني حقي؟ قال لا ، قال فإنما يبكي على الحب النساء.
إن الله تعالى إذا أوجب أمرا جعل متطلبات ذلك الواجب واجبة أيضا . فالمعروف أن الغضب يفقد المرء بعضا من صواب قراره. لذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الحكم عند الغضب(14). ومن عمل تحت أمرته أجير فعليه أن يعدل معه ولا يظلمه ، فلا يكرهه على عمل لم يتفق عليه عند التعاقد مستفيدا من كونه لم يصرف إجرته بعد ، أو أن بإستطاعته حجبها عنه أو تقليلها ، فكل ذلك من الظلم سواء كان لمصلحته هو أو لمن أمره بذلك ، فمن ساعد ظالما على ظلمه كان شريكا له ، ومن كان في كده ظالما لغيره كان ما أكل من مال حرام وسحت.
ـ 81 ـ صلة الرحم
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” الرَحِمُ مُعَلَّقَة بالعَرشِ تَقولُ مَن وَصَلَني وَصَلَهُ اللّهُ وَمَن قطَعَني قَطَعَهُ اللّهُ ”
(متفق عليه)
إن الله تعالى خلق الناس من أبوين وجعل كل أسرة تتصل بقرابة مع غيرها ، فصلة الرحم تعني إقامة علاقات التعاون والتآلف مع الأقربين وتقديم ما يحتاجون من مساعدة إليهم . ويتم ذلك بالتزاور والتناصح والرعاية عند الملمات ومنح الصدقات لفقرائهم ، كل هذا مع عدم توقع مقابلة ذلك بإحسان مقابل ذلك بل ابتغاء وجه الله حتى وإن كان ذلك المقابل مقصرا في صلة رحمه. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إليّ وأحلم عنهم ويجهلون عليّ ، فقال: ” لَئِن كُنتَ كَما قُلتَ فَكأنَّما تُسِفُّهُم الملّ ولا يزال معَكَ مِنَ اللّهِ ظَهير عَليهِم ما دُمتَ على ذلك ” (15) ، تسفهم المل أي كأنما تطعمهم الرماد الحار أي يلحق بهم إثم كبير. ويجب على المؤمن أن يراعي ذوي رحمه الأقرب فالأقرب ، قال تعالى: ” وأولوا الأرحامِ بَعضُهم أولى بِبَعض في كِتابِ اللّهِ ” ـ(16) .وقد حث الله تعالى على تفقد ذوي القربى في كثير من الآيات ” أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربَة أو مسكينا ذا مَترَبَة ” (17) ، ” وآتِ ذا القُربى حَقَّهُ والمِسكينَ وابنَ السَبيلِ ولا تَبَذّر تَبذيرا ” (18) ، فالصدقة إذا أعطيت إلى ذي قربى يكون لها أجر الصدقة وأجر صلة الرحم . وهكذا فالمؤمن يتغاضى عن هفوات أقربائه تجاهه وإساءتهم إليه وظلمهم له ويحسن إليهم متفقدا إياهم في السراء والضراء مادّا يد المساعدة إليهم كلما احتاجوا إليه.
ـ 82 ـ الإحسان إلى الجار
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” مَن كانَ يُؤمِنُ باللّهِ واليومِ الآخِرِ فليُحسِن إلى جارِهِ ، ومَن كانَ يُؤمِنُ باللّهِ واليومِ الآخِر فليُكرم ضيفهُ ، ومَن كانَ يؤمن باللّه واليوم الآخر فليَقُل خيرا أو ليَصمت ”
(متفق عليه)
الإحسان إلى الجار سواء كان مسلما أو غير مسلم وسواء كان يمت بقرابة أو لا يمت بقرابة حث عليه القرآن: ” والجار ذي القُربى والجار الجُنُب والصاحب بالجَنب ” (19) ، وهذه الوصية تقع ضمن منهج تكوين المجتمع الصالح المتعاون والذي تبنى فيه العلاقات على أسس متينة من تعاون وتكافل وإحترام ، حتى إن إختلف الدين وانعدمت رابطة النسب أو القرابة . وليس الجار بالمسكن فقط ، بل هناك الجار في العمل ، والصاحب في السفر هو جار مؤقت ، وجار في مصلحة مشتركة (يدخلون تحت الصاحب بالجنب) ، فحقوق هؤلاء النصح والمصاحبة بالمعروف وعدم الأذى وتحمل أذاهم وطيب الكلام معهم.
يحتاج الجيران بعضهم بعضا ، فعلى المرء أن يقدم المساعدة لجاره ولا يؤذيه ولا يعتدي عليه في بناء أو مضايقة أو منّ على معروف. وعلى المؤمن أن يحب لجاره ما يحب لنفسه ويتلطف به إن كان سيئ الخلق أو فاسقا . وفي القصة المشهورة عن أبي حنيفة رضي الله عنه مع جاره الذي كان يعاقر الخمر وينشد الشعر عند ثمله ، حيث كان افتقاده له عندما سجن سببا في توبته وصلاحه فيما بعد.
وإكرام الضيف هو الآخر مما يثبت علاقة الود والمودة ويدفع عن النفس النظرة المادية التي يسببها الشح والبخل . وقد أردف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالحديث أخيرا التوقف عن فضول الكلام وسيئه فعلى المؤمن أن يقول الخير أو ليصمت فذلك خير من النطق بالفحش أو الكذب أو رياء القول أو المدح الكاذب أو ما شابه ذلك . وقد مرت آفات اللسان في الحديثين ـ66ـ و ـ67.ـ
ـ 83 ـ الرفق في كل شيئ
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” إنّ اللّهَ رَفيق يُحبّ الرفقَ ويُعطي على الرفق ما لا يُعطي عَلى العُنف وما لا يُعطي على سواهُ ” .
(رواه مسلم)
إن الترفق بالناس من حسن الخلق وهو مما حث عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فما كان الرفق في شيء إلاّ زانه وما كان العنف في شيء إلاّ شانه(20). وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سهلا إذا باع سهلا إذا اشترى(21). ولماذا يسلك الإنسان العنف إذا كان باب الرفق مفتوحا إلاّ إذا كان المرء معجبا بنفسه مزدريا لغيره وهذا ما لا يحبه الله ، أو إذا كان يظن أن من يقابله لا ينفع معه الرفق. ولكن هذا أيضا لا يجوز إلاّ عن تجربة أو بينة . أما إذا اتُّخِذ العنف منهجا فهذا ما ينهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث.
والرفق يكون في كل شيء. فالمشي على الأرض هونا دون عجب أو تكبر هو رفق ، وإطعام الحيوان رفق ، ومعاملة الناس يجب أن تكون برفق ، والدعوة في سبيل الله تكون برفق ، فربّ عدو لدود ورث العداوة عن غيره يقلبه الرفق صديقا حميما . قال الله تعالى: ” ولا تَستوي الحَسَنَةُ ولا السيئةُ ادفَع بالّتي هيَ أحسَنُ فإذا الّذي بينَكَ وبينَهُ عداوة كأنَّهُ ولي حَميم ” (22).ـ
من الرفق بالناس أن تؤدي حق المحتاج من ذوي القربى أو الجيران أو من تعرف حاجته قبل أن يسألك . ومن الرفق عدم الإلحاح مع الناس في كل شيء كعدم المماطلة في قَضاء الدين أو البيع والشراء عموما إلاّ إذا كان المرء فقيرا ، فإن مطل الغني ظلم(23) ، ومن الرفق قضاء الدين قبل أن يسأل عنه صاحبه.
ـ 84 ـ الرفق بالنساء
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” أكمَلُ المُؤمنينَ إيمانا أحسَنُهُم خلقا ، وخيارُكُم خيارُكُم لنسائهم ”
(رواه الترمذي وقال حسن صحيح)
الوصية بالنساء وصية خاصة أدّاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأكد عليها في وصيته لأمته قبل وفاته. وكان يؤكد على ذلك باستمرار وينهى عن سوء المعاملة والعنف وذلك لبناء البيت الصالح. وإذا ما كره المرء من زوجته أو كرهت المرأة من زوجها خلُقا ، وجد معها أو وجدت معه خلقا محبوبا غيره. والصبر على سوء خلق أحد الزوجين من الأمور التي تقرب عند الله تعالى . وقد حث الله تعالى على التغاضي عن زلات الأزواج فقال: ” وعاشروهُنّ بالمَعروف ، فإن كَرهتُموهُنّ فعسى أن تَكرَهوا شيئا ويَجعَل اللّهُ فيه خيرا كَثيرا ” (24). وعلى فرض سوء الزوجة وعدم إمكان الإصلاح فإن الله يدعو المؤمنين إلى الحذر منهن ، لكنه يدعو إلى العفو أيضا: ” يا أيُّها الّذينَ آمَنوا إنّ من أزواجكُم وأولادكُم عَدوا لَكُم فاحذَروهُم وأن تعفوا وتَصفحوا وتَغفروا فإنّ اللّهَ غَفور رَحيم ” (25) ، والزوج ينطبق على الرجل والمرأة.
والمعاملة بين أفراد الأسرة يجب أن تبنى على التعاون وحسن الخلق واحتمال زلات ابعضهم بعضا ، ويقود ذلك التعاون رب الأسرة . لذا فإن أول واجبات رب الأسرة هو الإحسان إلى زوجته وعن طريق ذلك يسري الإحسان إلى بقية أفراد الأسرة ومن ثم يرتبط أفرادها بالمحبة والإيثار والتعاون . ويجب أن لا يكون ذلك على حساب دين المرء وواجباته الأخرى نحو والديه أو ذوي قرباه ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حذّر من عقوق المرء والديه طاعة لزوجته(26) ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق(27).ـ
ـ 85 ـ إجتناب الغش
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” مَن حَمَلَ عَلينا السلاحَ فليسَ منّا ومَن غَشّنا فليسَ منّا ” .
(رواه مسلم)
الغش في المعاملات يمكن أن تحد منه القوانين ، ولكن كلما زادت القوانين شدة إبتكر الغشاشون نوعا جديدا من الغش. أما إذا حورب الغش من داخل نفس الإنسان ، فكان لا يحب لغيره إلاّ ما يحب لنفسه فإن الغش يقضى عليه أو قل كثيرا . من الغش إخفاء العيوب ، ومن الغش نقص المكيال ، ومن الغش الحلف الكاذب ، ومن الغش إظهار الورع والتقوى أمام المشتري ، ومن الغش وصف السلعة بما ليس فيها ، ومن الغش الوعد الكاذب مع اليقين بعدم التمكن من الوفاء . وشر الغشاشين الذين يغشون الناس ولا ينتفعون هم بل ينتفع غيرهم بذلك وما هم سوى أدوات لتنفيذ الغش ، وليس لهم من نفع سوى فائدة تافهة كرضاء أوليائهم عنهم أو مدحهم لهم وتشجيعهم على سوء عملهم لقاء ثمن بخس من متاع الدنيا الزائل ، وهذا عمل لا يرضاه الله تعالى.
إن رب الأسرة الذي يهمل توجيه أسرته وتعليمها غاشّ لهم ، والذي يكسب الرزق الحرام ويطعم أولاده من ذلك الرزق الحرام غاشّ لهم . وكانت نساء المؤمنين الأولين يوصين أزواجهن بالرزق الحلال ويقلن لهم: إتقوا الله فينا فإننا نصبر على الجوع ولا نصبر على حر جهنم . ومن ولي من أمر المسلمين شيئا فلم يبذل جهده معهم أو استأثر بالمنافع لنفسه وذويه دونهم فهو غاش لهم ، والرعية إذا لم تنصح لمن ولاّه الله أمرها غاشّة له.
أما حمل السلاح ضد المسلمين الذي ورد في هذا الحديث دون تأويل سائغ فهو كفر. والتأويل السائغ هو أن يكون هناك حجة شرعية يقبلها العقل استنادا إلى كتاب الله أو أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتأويل تقبله اللغة العربية ، كالدفاع عن النفس والمال والدين والعرض والوطن.
ـ 86 ـ مداراة الناس
عن عائشة رضي الله عنها قالت ، إستأذن رجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ” إئذنوا لَهُ بئسَ أخو العَشيرَة هُوَ ” ، فلما دخل ألان له القول ، قالت عائشة: فقلت يا رسول الله قلت عنه الذي قلت ثم ألنت له القول!! قال: ” يا عائشة ، إنّ شَرّ الناس مَنزلة عند اللّه يوم القيامَة من ودَعَهُ أو ترَكَهُ الناسُ اتّقاء فُحشه ” .
(متفق عليه)
لين الكلام وخفض الجناح للمؤمنين من الإيمان . أما الفسقة والأشرار فيجب التلطف بهم ومداراتهم ابتغاء تأليف قلوبهم وتزيين الإيمان لهم أو تجنب أذاهم . وقد نهى الله تعالى عن سب آلهة الكفار ” ولا تَسُبوا الذين يدعونَ من دون الله فيَسُبّوا اللّهَ عدوا بغير علم ” (28). فمن الدين مداراة السفهاء ، والتلطف بهم دون خنوع وبما لا يزيد من غرورهم وصلافتهم تجاه الحق. وهذا لا يقلبهم إلى أخيار فإن شر الناس من أكرم إتقاء شره. والله تعالى يحب الرفق في الأمر كله. أما إظهار العزة على الكفار ، ” أذلَّة على المؤمنينَ أعزَّة على الكافرينَ ” (29) فهو مطلوب في حال المجابهة والخصام مع جموع الكافرين أو ممثليهم أو المعاندين منهم الذين لا يظهرون أي لين تجاه الحق.
قال محمد بن الحنفية(30) رضي الله عنه: ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بدّا حتىيجعل الله له منه فرجا . وقد أخرج الطبراني من حديث علي بن الحسين(31) عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ” رأسُ العَقل بَعدَ الإيمان التوَدُدَ إلى النّاس واصطناعُ المعروف إلى كُلّ برّ وفاجر ”
ويبيح هذا الحديث غيبة المجاهر بفسوقه ، ولذلك أحوال محدودة منها تحذير المسلمين من شره والإستعانة بهم لتغيير منكره أو شكايته إلى قاض أو نحوه أو تسميته بما عرف عنه من منكر. أما فيما عدا ذلك فالغيبة محرمة . ” ولا يَغتَب بَعضُكُم بَعضا ، أيُحبّ أحَدُكُم أن يأكُلَ لَحمَ أخيه ميتا فَكَرهتُموهُ ” (32). وهكذا يجب على المسلم أن يستعمل هذه الرخص في حدودها فلا يتعداها ، كما أن عليه أن يجنب نفسه الوقوع في مواضع التهم بحيث يغتابه الناس أو يظنوا به سوءأ ورحم الله من جَبّ الغيبة عن نفسه.
ـ 87 ـ قضاء حوائج المسلمين
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
” المُسلمُ أخو المُسلمِ لا يَظلمهُ ولا يُسلمهُ ، مَن كانَ في حاجَة أخيه كانَ اللّهُ في حاجَته ، ومَن فَرَّجَ عن مُسلم كُربَة فَرَّجَ اللّهُ عنهُ بها كُربَة من كُرَب يوم القيامَة ومَن سَتَرَ مُسلما سَتَرهُ اللّهُ يومَ القيامة ” .
(متفق عليه)
المسلم يعامِل أخاه كما يحب أن يعامَل هو وخاصة في أوقات الضيق. فهو يساعد أخاه إن احتاج ، وينصره إن استنصره ، ويدافع عنه في غيابه ، ولا يسلمه إلى من يظلمه ، ولا يفشي سره ، ولا يتآمر عليه في جد ولا هزل . وإذا وجده في كربة نفَّسَ عنه بالكلمة الطيبة أو بقضاء حاجته أو بنصحه وإرشاده إلى من يستطيع مساعدته. ومشي المسلم في حاجة أخيه دون توقع نفع دنيوي منه ، من أقرب القربات إلى الله ، وليس بالقليل أن يقال: أن الله تعالى في حاجة فلان ما دام يقضي حاجة أخيه ، ومن حقوق المسلم على المسلم أخذ أقواله على أفضل وجه وعدم اتهامه إلاّ ببينة واضحة . ومن حق المسلم على المسلم أن يستره إذا وجده مرتكبا لأثم أو ذنب أو فعل يستقبحه الناس ، فمن ستر مسلما ستره الله تعالى (33).ـ
حقوق المسلمين بعضهم نحو بعض كثيرة ، بعضها عام لكل الأحايين ، وبعضها محدود في حالات خاصة . والمؤمن إذا جبل نفسه على عمل الخير في كل وقت ، وجعل ذلك شغله الشاغل عملا بقوله تعالى: ” فاستَبقوا الخيرات ” (34) ، فإنه يحاول جهده لخدمة غيره دون توقع ثواب أو مكافأة . ومن اعتاد ذلك قيّض الله له من يساعده في وقت الضيق. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” ما أكرَم شاب شيخا لسنّه ، إلاّ قيَّض اللّهُ له من يُكرمُهُ عندَ سنّه ” (35) ، كما قال: ” برّوا آباءكُم تَبرُّكم أبناءكُم ، وعِفّوا تَعفّ نساؤكُم ” (36). فإن من يؤدي حقوق غيره من المسلمين يقيض الله له من يؤدي حقه عند حاجته لذلك . وهذا المستوى من الفهم قد أدركه بعض عقلاء الغربيين اليوم في مساعدة بعضهم البعض والتعاون فيما بينهم ، حتى أنهم ودون الرجوع إلى أمر أو نهي من دين أو شرع أدركوا أن فعل الخير للناس يدخل الطمأنينة إلى نفس فاعل ذلك الخير ويذهب عنه القلق ، هذا في الوقت الذي تماهل كثير من المسلمين في التخلق بهذه الأخلاق ، فشاع التدابر وقطع الأرحام والأنانية ، فلاعجب أن أوكلهم الله تعالى إلى أنفسهم ورفع عنهم رعايته باللطف والرحمة جزاء سوء أعمالهم ولن يغير الله ما بهم حتى يغيروا ما بأنفسهم(37).ـ
ـ 88 ـ طاعة المرأة لزوجها
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
” لو كُنتُ آمرا أحَدا أن يَسجُدَ لأحَد ، لأمَرتُ المرأةَ أن تَسجُدَ لزوجها ”
(رواه أحمد والترمذي والحاكم)
في الوقت الذي أوصى الله تعالى الرجل بالإحسان إلى من يرعاهم من زوجة وأولاد وأم وأب خاصة إن كانا عاجزين ، فإن الوصية للمرأة بالطاعة تكون مكملة لتجانس الأسرة واكتمال تماسكها وتآلفها . فقد أعطى الله الرجل القوامة ، ” الرجالُ قوّامونَ على النساء ” (38) ، لكنه لم يعطه الحق في الإعتداء والظلم والتعسف. إن طاعة المرأة لزوجها أحد أركان تأسيس أسرة قوية متماسكة . ويأتي هذا الأمر ضمن أوامر مشابهة للولد بإطاعة أبيه ، وللرعية بإطاعة أميرها ، وفي الوقت نفسه أمر الراعي بالإحسان إلى رعيته ، وحرم الظلم والغش. وقد سبق في الحديثين 51 و 52 ذكر ذلك.
إن رعاية المرأة لزوجها وأولادها قد أسقط عنها فرائض كثيرة كالجهاد أو حضور الجمعة والجماعات . فالمرأة الصالحة تحفظ زوجها في بيتها ونفسها وولدها ، وإذا نظر إليها زوجها سرته وإذا أمرها أطاعته ولا تخرج من بيتها ولا تصوم تطوعا إلا بإذنه وهي قد نذرت نفسها لصلاح بيتها وعند ذلك تنال فضل المجاهدين في سبيل الله وهي ماكثة في بيته ، أما إذا كانت المرأة ذات زوج فاسق ، فعليها مصاحبته بالمعروف وأداء حقوق الله أولا ثم حقوقه ثانيا ، وعدم مشاركته في فسوقه ، والإنكار عليه ولو بالقلب ، والدعاء له بالصلاح ، والترفق به حتى يجعل الله لها مخرجا . وإن كان مهملا لولدها فعليها أن تكون لولدها أما وأبا ، ولتكن لها أسوة حسنة في امرأة فرعون: ”ضرب اللّهُ مثلا للّذينَ آمَنوا امرَأةَ فرعونَ إذ قالَت ربّ ابن لي عندَكَ بيتا في الجَنَّة ونَجّنّي من فرعونَ وعَمَله ونَجّني منَ القوم الظالمينَ ” (39).ـ
ـ 89 ـ الأمانة
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
ـ” أربَع مَن كُنّ فيه كانَ مُنافقا خالصا ، ومَن كانَت فيه خَصلَة منهُنّ كانَت فيه خصلَة من النفاق حتى يَدَعَها: إذا أؤتُمنَ خانَ ، وإذا حَدَّثَ كَذَبَ ، وإذا عاهَدَ غَدَرَ ، وإذا خاصَمَ فَجَرَ ” .ـ
(متفق عليه)
الأسس القويمة لحسن المعاملة بين الناس (مسلمين وغير مسلمين) هي الصدق والأمانة والمحافظة على الوعد. فالأمانة أوصى بها تعالى: ” إنّ اللّهَ يأمُرُكُم أن تُؤَدّوا الأمانات إلى اهلها ” (40) ، وأوصى بالصدق ولعن الكاذبين ، وأمر بالوفاء بالعهد وبالعقود: ” وأوفوا بالعهد إنّ العَهدَ كانَ مَسؤولا ” (41) وبالعقود: ” ياأيُّها الّذينَ آمَنوا أوفوا بالعُقود ” (42). وقد مقت الله تعالى الخيانة حتى مع الكفار فقال: ” ولا تُجادل عَن الّذينَ يَختانونَ أنفُسَهُم ، إنّ اللّهَ لا يُحبّ مَن كانَ خوّانا أثيما ” (43).ـ
الخيانة صفة لا يمكن أن يتصف بها مؤمن كما سبق في الحديث (64) هامش (3) ، لذلك فالمعاملة بين المسلمين تستند إلى الأمانة والصدق والإيفاء بالعهود والمواثيق والعقود. ولقد بلغ من وفاء المسلمين بعهودهم ومواثيقهم مع غيرهم مبلغا على مر القرون السالفة لم تبلغه أمة من الأمم ، وذلك بفضل ما أمرهم به كتاب ربهم وما اخْتَطَّهُ لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حياته. فقد وفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعهده مع الكفار في صلح الحديبية حتى أخلفوا هم الميثاق.وفي حياته كان مثالا للإيفاء بالوعد ، وكان يأمر أصحابه بذلك . إحتجز الكفار قبيل معركة بدر حذيفة بن اليمّان رضي الله عنه وصاحبا له ، ولم يتروكوهما حتى وعداهم بأن لا يشاركا في المعركة التي توشك أن تقع. فلما استشارا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك أمرهما بالإيفاء بذلك ، فلم يشهدا معركة بدر. وقد ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم هجرته عليا بن أبي طالب رضي الله عنه بعده ليرد الآمانات إلى أهلها والتي لم تكن سوى أمانات المشركين الذين عادوه وأخرجوه من بلده.

ـ1ـ يزيد بن أسد هو جد خالد بن عبد الله القسري ، كان من أهل اليمن ، خرج في زمن عمر إلى فتح الشام ، ووجهه معاوية في4000 رجل من أهل الشام لنصرة عثمان رضي الله عنه فوصل المدينة فوجده قد قتل ، فلم يفعل شيئا.
ـ2ـ سورة الحشر الآية 9.
ـ3ـ سورة المائدة الآية 54.
ـ4ـ سورة آل عمران الآية 103.
ـ5ـ حديث: ” إذا أحبّ الرجل أخاهُ فليخبره أنه يحبه ” رواه عن المقداد بن معد يكرب رضي الله عنه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح.
ـ6ـحديث: ” إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب ، قال المَلَكُ ولك مثل ذلك ” رواه مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه.
ـ7ـ حديث: ” لا تؤمِنوا حتى تحابّوا ، ألا أدُلُّكُم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم... أفشوا السلامَ بينكم ” رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ـ8ـ حديث: ” المؤمنون بعضُهُم لبعض نَصَحة وادّون وإن بعدت منازلهم وأبدانهم ، والفجرة بعضهم لبعض غشَشَة متخاذلون وإن قربت منازلهم ” رواه أبو الشيخ بن حبان عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
ـ9ـ سورة الذاريات الآية 55.
ـ10ـ سورة العصر الآيتان 2 و 3.
ـ11ـ سورة المائدة الآية
ـ12ـ سورة النحل الآية 8.
ـ13ـ سورة ص الآية 90.
ـ14ـ حديث: ” لا يقضي القاضي وهو غضبان ” متفق عليه من حديث أبي بكرة.
ـ15ـ رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
ـ16ـ سورة الأنفال الآية 75.
ـ17ـ سورة البلد الآيتان 14 و 15.
ـ18ـ سورة الإسراء الآية 26.
ـ19ـ سورة النساء الآية 36.
ـ20ـ حديث : "إن الرفقَ لا يكونُ في شيء إلاّ زانه ، ولا ينزع من شيء إلاّ شانه" رواه مسلم عن إبن عباس رضي الله عنهما.
ـ21ـ حديث: ” رَحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى ” رواه البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
ـ22ـ سورة فصلت الآية 134.
ـ23ـ حديث: ” مَطل الغني ظلم ، وإذا أُتبِع أحدكم على مليئ فليتبع ” متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ـ24ـ سورة النساء الآية 19.
ـ25ـ سورة التغابن الآية 14.
ـ26ـ حديث من علامات الساعة: ” أطاع الرجل زوجَهُ وعَقّ أمَّهُ ” رواه الترمذي


الاستقامة في مائة حديث نبوي 5

ماسينيسا
طالب نشيط
ماسينيسا
طالب نشيط

السٌّمعَة : 30
ذكر
نقاط : 1460
الاستقامة  في مائة حديث نبوي 5 Empty
الاستقامة  في مائة حديث نبوي 5 Clock13 2012-02-11, 7:08 pm

[ thanks ]

مرسي

[على] الموضوع تستاهل تقييم و تشجيع [على]
المجهودات الرائعة
ننتظر

منكـ
المزيد |
دمت مبدعا و بـــ الله
ـــاركـ فيك
تح
ــياتي وشكري ليك
دمت


الاستقامة في مائة حديث نبوي 5

استاذ المنتدى
طالب نشيط
استاذ المنتدى
طالب نشيط

السٌّمعَة : 34
ذكر
نقاط : 1989
الاستقامة  في مائة حديث نبوي 5 Empty
http://omaarab.7olm.org/
الاستقامة  في مائة حديث نبوي 5 Clock13 2012-02-19, 7:12 pm

مشــكور على الموضوع

و علـــ إفادتك

لنا و للجمـــيعـ ـــى

ننتظر المزيد من

إبداعاتك و نشاطك

وإفادتك


الاستقامة في مائة حديث نبوي 5

مدرس المنتدى
طالب نشيط
مدرس المنتدى
طالب نشيط

السٌّمعَة : 35
ذكر
نقاط : 1936
الاستقامة  في مائة حديث نبوي 5 Empty
الاستقامة  في مائة حديث نبوي 5 Clock13 2012-03-28, 9:06 pm

بارك الله فيك فيك يا بطل

نتظر مزيد من الإبداعات


 مواضيع مماثلة

-
» الاستقامة في مائة حديث نبوي 4
» الاستقامة في مائة حديث نبوي 3
» الاستقامة في مائة حديث نبوي 2
» الاستقامة في مائة حديث نبوي
» مائة سؤال وإجابة واحدة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتدى :: بــــحوث مدرسية-

Urban Leveling manga | Sweet Enemy manga | Black Queen manga | D-List Actress On The Rise manga | Emp’s Contracted Ex manga | Marry to Find Love manga | Mind-Reading Princess manga | Help! My Pokeman Boyfriend Is real | Exclusive Possession of Your Heart manga | Her Majesty Is Busy manga | raw manga | The Strongest God King | read raw manga | Versatile Mage manga | Release That Witch | Springtime for Blossom | Tales of Demons and Gods | تفسير حلم الثعبان | تفسير حلم قص الشعر | تفسير حلم الحمل | initial d apk | h tweaker apk | apk hello neighbor | Apk D-Touch 4.1 | apk jio 4g voice